للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المائدة؟ ولمن كان تفرش هذه الفرش وتُجرى الأجراء؟ فكتبت إليه أعلمه ما قال لي عبد الله، فكتب إلي بخطه: أحسن الله عاقبتك، ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي حملني على الكتاب إليك الذي قلت لعبد الله: لا يأتيني منكم أحد رجاء أن ينقطع ذِكري ويَخْمُل. إذا كنتم هاهنا فشا ذكري. وكان يجتمع إليكم قوم ينقلون أخبارنا، ولم يكن إلا خير. فإن أقمت فلم تأتني أنت ولا أخوك فهو رضائي، ولا تجعل في نفسك إلا خيرا، والسلام عليك ورحمة الله.

قال: ولما خرجنا من العسكر رفعت المائدة والفرش وكل ما أقيم لنا.

ثم ذكر صالح كتاب وصيته ثم قال: وبعث إليه المتوكل بألف دينار ليقسمها، فجاءه علي بن الجهم في جوف الليل، فأخبره بأنه يهيئ له حراقة لينحدر فيها. ثم جاء عبيد الله ومعه ألف دينار، فقال: إن أمير المؤمنين قد أذن لك، وقد أمر لك بهذه، فقال: قد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره، فردها. وقال: أنا رقيق على البرد، والظهر أرفق بي. فكتب له جواز، وكتب إلى محمد بن عبد الله في بره وتعاهده، فقدم علينا. ثم قال بعد قليل: يا صالح. قلت: لبيك. قال: أحب أن تدع هذا الرزق، فإنما تأخذونه بسببي. فسكت، فقال: ما لك؟ فقلت: أكره أن أعطيك شيئا بلساني وأخالف إلى غيره، وليس في القوم أكثر عيالا مني ولا أعذر. وقد كنت أشكو إليك وتقول: أمرك منعقد بأمري، ولعل الله أن يحل عني هذه العقدة. وقد كنت تدعو لي، فأرجو أن يكون الله قد استجاب لك. فقال: والله لا تفعل. فقلت: لا. فقال: لم فعل الله بك وفعل؟

ثم ذكر قصة في دخول عبد الله عليه، وقوله له وجوابه له، ثم دخول عمه عليه وإنكاره الأخذ، إلى أن قال: فهجرنا وسد الباب بيننا وبينه، وتحامى منازلنا أن يدخل منا إلى منزله شيء. ثم أخبر بأخذ عمه فقال: نافقتني، وكذبتني. ثم هجره وترك الصلاة في المسجد، وخرج إلى مسجد خارج يصلي فيه.

ثم ذكر قصة دعائه صالحا ومعاتبته في ذلك، ثم في كتبته إلى يحيى بن خاقان ليترك معونة أولاده، وبلوغ الخبر إلى المتوكل، فأمر بحمل ما اجتمع لهم في عشرة أشهر، وهو أربعون ألف درهم إليهم. وأنه أخبر بذلك، فسكت

<<  <  ج: ص:  >  >>