الجوني، وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد. ولزمه المبرد وأكثر عنه. وقد دخل على الواثق فوصله بجملة.
توفي سنة سبع، أو ثمان وأربعين.
وكان المبرد يقول: لم يكن بعد سيبوية أعلم بالنحو من أبي عثمان المازني.
قال المبرد: قال أبو عثمان المازني: قرأ علي رجل كتاب سيبوية في مدة طويلة، فلما بلغ آخره قال: أما إني ما فهمت منه حرفا، وأما أنت فجزاك الله خيرا.
وقال المازني: قرأت القرآن على يعقوب، فلما ختمت رمى إلي بخاتمه وقال: خذه، ليس لك مثل.
وكان المازني ذا دين وورع. قيل: إن يهوديا أتاه ليقرأ عليه كتاب سيبوية وبذل له مائة دينار، فامتنع وقال: هذا الكتاب يشتمل على ثلاث مائة آية ونيف، ولست أمكن منها ذميا.
وقال بكار بن قتيبة القاضي: ما رأيت نحويا يشبه الفقهاء إلا حبان بن هلال والمازني.
وقال المبرد: كان المازني إذا ناظر أهل الكلام لم يستعن بشيء من النحو، وإذا ناظره النحاة لم يستعن بشيء من الكلام.
وعن المازني قال: حضرت مجلس المتوكل، وحضر يعقوب بن السكيت، فقال: تكلما في مسألة. فقلت ليعقوب: ما وزن نكتل؟ فقال: نفعل. قلت: اتئد. ففكر وقال: نفتعل. قلت: نكتل أربعة أحرف، ونفتعل خمسة. فسكت. فقال المتوكل: ما الجواب؟ قلت: وزنها في الأصل نفتعل لأنها نكتيل، فلما تحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله، وقلب ألفا، فصارت نكتال، ثم حذفت الألف للجزم، فبقيت نكتل. فقال المتوكل: هذا هو الحق. فلما خرجنا قال يعقوب: بالغت اليوم في أذاي. قلت: لم أقصدك بسوء.
وقيل: إن جارية غنت الواثق:
أظلوم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلم فقال بعض الحاضرين: رجل بالرفع. فقالت: هكذا لقنني المازني. فطلبه الواثق فقال: إن معناه إن إصابتكم رجلا كقوله: إن ضربك زيدا