عبد الله ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم بالله محمد بن هارون الهاشمي العباسي.
وأمه أم ولد رومية اسمها حبشية، وكان أعين، أقنى، أسمر، مليح الوجه، مضبرا، ربعة، جسيما، كبير البطن، مليحا، مهيبا.
ولما قتل أبوه دخل عليه قاضي القضاة جعفر بن سليمان الهاشمي، فقيل له: بايع. فقال: وأين أمير المؤمنين المتوكل على الله؟ فقال: قتله الفتح بن خاقان. قال: وما فعل بالفتح؟ قال: قتله بغا. قال: فأنت ولي الدم وصاحب الثأر. فبايعه، وبايعه الوزير والكبار. ثم صالح المنتصر بالله إخوته من ميراثهم على أربعة عشر ألف ألف درهم. ثم نفى عمه عليا من سامراء إلى بغداد، ووكل به.
وكان المنتصر وافر العقل، راغبا في الخير، قليل الظلم، محسنا إلى العلويين، وصولا لهم. وقيل: إنه كان يقول: يا بغا أين أبي؟ من قتل أبي؟ ويسب الأتراك ويقول: هؤلاء قتلة الخلفاء. فقال بغا الصغير للذين قتلوا المتوكل: ما لكم عند هذا رزق. فعملوا عليه وهموا به، فعجزوا عنه لأنه كان مهيبا شجاعا فطنا محترزا، فتحيلوا إلى أن دسوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار عند مرضه. فأشار بفصده، ثم فصده بريشة مسمومة فمات. فيقال: إن ابن طيفور نسي ومرض، فأمر غلامه يفصده بتلك الريشة، فمات أيضا.
وقال بعض الناس: بل حصل للمنتصر مرض في أنثييه، فمات في ثلاث ليال، وقيل: مات بالخوانيق. وقيل: بل سم في كمثراة بإبرة.
وجاء عنه أنه قال في مرضه: ذهبت يا أماه مني الدنيا والآخرة، عاجلت أبي فعوجلت. وكان يتهم بقتل أبيه.
وزر له أحمد بن الخصيب أحد الظلمة.
وقال المسعودي: أزال المنتصر عن آل أبي طالب ما كانوا فيه من الخوف والمحنة بمنعهم من زيارة قبر الحسين.
كان أبوه المتوكل قد أمر بهدم القبر، وأن يعاقب من وجد هناك. فلما ولي المنتصر أمر بالكف عن آل أبي طالب ورد فدك على آل الحسين، فقال البحتري: