للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلاما حدثا، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثا، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم قلتم ساحر، لا والله ما هو بساحر ولا بكاهن ولا بشاعر، قد رأينا هؤلاء وسمعنا كلامهم، فانظروا في شأنكم. وكان النضر من شياطين قريش، ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة.

وقال محمد بن فضيل: حدثنا الأجلح، عن الذيال بن حرملة، عن جابر بن عبد الله قال: قال أبو جهل والملأ من قريش: لقد انتشر علينا أمر محمد، فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر فكلمه ثم أتانا ببيان من أمره. فقال عتبة: لقد سمعت بقول السحرة والكهانة والشعر، وعلمت من ذلك علما، وما يخفى علي إن كان كذلك. فأتاه، فلما أتاه قال له عتبة: يا محمد، أنت خير أم هاشم، أنت خير أم عبد المطلب، أنت خير أم عبد الله؟ فلم يجبه، قال: فبم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا، فإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا لك ألويتنا، فكنت رأسنا ما بقيت، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي أبيات قريش شئت، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت، فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم)، فقرأ حتى بلغ: (أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود)، فأمسك عتبة على فيه، وناشده الرحم أن يكف عنه، ولم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم، فقال أبو جهل: يا معشر قريش، والله ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه، وما ذاك إلا من حاجة أصابته، انطلقوا بنا إليه. فأتوه، فقال أبو جهل: والله يا عتبة ما حسبنا إلا أنك صبوت، فإن كانت بك حاجة جمعنا لك ما يغنيك عن طعام محمد. فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمدا أبدا، وقال: لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته، فقص عليهم القصة، فأجابني بشيء والله ما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>