لئن أودعت سطرا من المسك خدها … لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا
قد ورد عن المتوكل شيء من النصب.
ويقال: إنه سلم عليه بالخلافة ثمانية كل واحد منهم أبوه خليفة: منصور ابن المهدي، والعباس ابن الهادي، وأبو أحمد ابن الرشيد، وعبد الله ابن الأمين، وموسى ابن المأمون، وأحمد ابن المعتصم، ومحمد ابن الواثق، وابنه المنتصر ابن المتوكل، وكان جوادا ممدحا؛ ويقال: ما أعطى خليفة شاعرا ما أعطى المتوكل.
وفيه يقول مروان بن أبي الجنوب:
فأمسك ندى كفيك عني ولا تزد … فقد خفت أن أطغى وأن أتجبرا
فقال: لا أمسك حتى يغرقك جودي.
وقد بايع بولاية العهد ولده المنتصر، ثم إنه أراد أن يعزله ويولي المعتز أخاه لمحبته لأمه قبيحة، فسأل المنتصر أن ينزل عن العهد، فأبى. وكان يحضره مجالس العامة، ويحط منزلته ويتهدده، ويشتمه ويتوعده.
واتفق أن الترك انحرفوا عن المتوكل لكونه صادر وصيفا وبغا، وجرت أمور، فاتفق الأتراك مع المنتصر على قتل أبيه. فدخل عليه خمسة في جوف الليل وهو في مجلس لهوه في خامس شوال، فقتلوه سنة سبع وأربعين.
وورد أن بعضهم رآه في النوم، فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بقليل من السنة أحييتها.
وقد كان المتوكل منهمكا في اللذات والشرب، فلعله رحم بالسنة، ولم يصح عنه النصب.
قال المسعودي (١): حدثنا ابن عرفة النحوي، قال: حدثنا المبرد قال: قال المتوكل لأبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق: ما يقول ولد أبيك في العباس؟ قال: ما تقول يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله طاعة نبيه على خلقه، وافترض طاعته على نبيه.
وكان قد سعي بأبي الحسن إلى المتوكل، وإن في منزله سلاحا وكتبا من أهل قم، ومن نيته التوثب. فكبس بيته ليلا، فوجد في بيت عليه مدرعة صوف، متوجه إلى ربه يقوم بآيات، فأخذ كهيئته إلى المتوكل وهو يشرب، فأعظمه وأجلسه إلى جانبه
(١) مروج الذهب ٤/ ٩٣ - ٩٤.