إليه بالهدية، وقالا: إن ناسا من قومنا رغبوا عن ديننا، وقد نزلوا أرضك، فبعث إليهم، فقال لنا جعفر: أنا خطيبكم اليوم. قال: فاتبعوه حتى دخلوا على النجاشي فلم يسجدوا له، فقال: وما لكم لم تسجدوا للملك؟ فقال: إن الله قد بعث إلينا نبيه، فأمرنا أن لا نسجد إلا لله. فقال النجاشي: وما ذاك؟ قال عمرو: إنهم يخالفونك في عيسى، قال: فما تقولون في عيسى وأمه؟ قال: نقول كما قال الله: هو روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول، التي لم يمسها بشر، ولم يفرضها ولد، فتناول النجاشي عودا فقال: يا معشر القسيسين والرهبان، ما تزيدون على ما يقول هؤلاء ما يزن هذا، فمرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، وأنا أشهد أنه نبي، ولوددت أني عنده فأحمل نعليه - أو قال: أخدمه - فانزلوا حيث شئتم من أرضي. فجاء ابن مسعود فشهد بدرا. رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن حديج.
وقال عبيد الله بن موسى: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق مع جعفر إلى الحبشة. وساق كحديث حديج.
ويظهر لي أن إسرائيل وهم فيه، ودخل عليه حديث في حديث، وإلا أين كان أبو موسى الأشعري ذلك الوقت.
رجعنا إلى تمام الحديث الذي سقناه عن أم سلمة قالت: فلم يبق بطريق من بطارقة النجاشي إلا دفعا إليه هدية، قبل أن يكلما النجاشي، وأخبرا ذلك البطريق بقصدهما، ليشير على الملك بدفع المسلمين إليهم، ثم قربا هدايا النجاشي فقبلها، ثم كلماه فقالا: أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلادك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، جاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، فقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من أقاربهم لتردهم عليهم، فهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم. قالت: ولم يكن أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع كلامهم النجاشي، فقالت بطارقته حوله: صدقا أيها الملك، قومهم