قال معمر: وأخبرني أيوب، عن عكرمة أنه قال: لما جاء سهيل قال النبي ﷺ: قد سهل لكم من أمركم.
قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينك كتابا. فدعا الكاتب فقال رسول الله ﷺ: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي ﷺ: اكتب باسمك اللهم، ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال النبي ﷺ: إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله.
قال الزهري: وذلك لقوله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها.
فقال له النبي ﷺ: على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف. فقال: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن لك من العام المقبل. فكتب. فقال سهيل: على أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. فقال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟ فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده قد خرج من أسفل مكة حتى رمى نفسه بين أظهر المسلمين. فقال سهيل: وهذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده. فقال النبي ﷺ: إنا لم نقض الكتاب بعد. قال: فوالله إذا لا نصالحك على شيء أبدا. قال النبي ﷺ: فأجره (١) لي. قال: ما أنا بمجيره لك. قال: بلى، فافعل، قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بلى قد أجرناه. قال أبو جندل: معاشر المسلمين أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما قد لقيت؟ - وكان قد عذب عذابا شديدا في الله -.
فقال عمر: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي ﷺ
(١) هكذا وقعت بالراء المهملة، وهي رواية عند البخاري، وفي روايات أخر: "فأجزه" بالزاي، وكذلك ما بعدها من الألفاظ "بمجيزه" و"أجزناه" وقد جَوَّد البشتكي إهمال الراء عن المؤلف، فأثبتناه.