أبي الحسن من إخوته، سلام على الوزير، فإنا نحمد إليه الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله أن يصلي على سيدنا محمد. وفيه: فأما ما ذكر عنا من انفرادنا عن الجماعة، فنحن، أيدك الله، لم ننفرد عن الطاعة والجماعة، بل أفردنا عنها، وأخرجنا من ديارنا، واستحلوا دماءنا، ونحن نشرح للوزير حالنا: كان قديم أمرنا أنا كنا مستورين مقبلين على تجارتنا ومعايشنا، ننزه أنفسنا عن المعاصي، ونحافظ على الفرائض، فنقم علينا سفهاء الناس وفجارهم ممن لا يعرف بدين، وأكثروا التشنيع علينا حتى اجتمع جميع الناس علينا، وتظاهروا وشهدوا علينا بالزور، وأن نساءنا بيننا بالسوية، وأنا لا نحرم حراما، ولا نحل حلالا، فخرجنا هاربين، ومن بقي منا جعلوا في رقابهم الحبال والسلاسل، إلى أن قال: فأجلونا إلى جزيرة، فأرسلنا إليهم نطلب أموالنا وحرمنا، فمنعوناها، وعزموا على حربنا، فحاكمناهم إلى الله، وقال تعالى:{وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} فنصرنا الله عليهم. وأما ما ادعي علينا من الكفر وترك الصلاة فنحن تائبون مؤمنون بالله. فكتب الوزير يعدهم الإحسان.
وفيها: سار المهدي صاحب إفريقية يريد مصر في أربعين ألفا من البربر في البر والبحر، ونزل لبدة، وهي من الإسكندرية على أربعة مراحل. وكان بمصر تكين الخاصة، ففجر النيل، فحال الماء بينهم وبين مصر.
قال المسبحي: فيها كانت وقعة برقة، وكان عليها المنصور، فسلمها وانهزم إلى الإسكندرية.
وفيها: سار أبو داود حباسة بن يوسف الكتامي البربري في جيش عظيم قاصدا إلى مصر مقدمة بين يدي القائم محمد، فوصل إلى الجيزة، وهم بالدخول إلى مصر فغلط المخاضة ونذر به، فخرج إليه عسكر، فحالوا بينه وبين الدخول إلى مصر، وأعانهم زيادة النيل، فرد إلى الإسكندرية، فقتل وأفسد. ثم سار جيش المقتدر إلى برقة، وجرت لحباسة ولهم حروب.
وقلد المقتدر مصر أبا علي الحسين بن أحمد، وأبا بكر محمد بن علي، المادرائيين، وأضاف إليهما جند دمشق وفلسطين، فسارا إلى مصر، فكان بينهم وبين الفاطمي وقعات. ثم رجع إلى برقة، وأقام المادرائي بمصر،