جعفر بن الزّبير، عن عروة بن الزّبير، عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة، عن رجال من قومه، قالوا: لمّا بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، كنّا نخرج كلّ غداة فنجلس له بظاهر الحرّة، نلجأ إلى ظلّ الجدر حتى تغلبنا عليه الشمس، ثمّ نرجع إلى رحالنا، حتى إذا كان اليوم الذي جاء فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلسنا كما كنّا نجلس، حتى إذا رجعنا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآه رجل من اليهود، فنادى: يا بني قيلة هذا جدّكم قد جاء، فخرجنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أناخ إلى ظلّ هو وأبو بكر، والله ما ندري أيّهما أسنّ، هما في سنّ واحدة، حتى رأينا أبا بكر ينحاز له عن الظّلّ، فعرفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وقد قال قائل منهم: إنّ أبا بكر قام فأظلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، فعرفناه.
وقال محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبلة: حدّثني عقبة بن وسّاج، عن أنس بن مالك أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قدم، يعني المدينة، وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر، فغلّفها بالحنّاء والكتم. أخرجه البخاريّ، من حديث محمد بن حمير.
وقال شعبة: أنبأنا أبو إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: أوّل من قدم علينا من الصّحابة مصعب بن عمير، وابن أمّ مكتوم، وكانا يقرئان القرآن، ثم جاء عمّار، وبلال، وسعد، ثمّ جاء عمر بن الخطّاب في عشرين راكبا، ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء قطّ فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصّبيان يسعون في الطّرق يقولون: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما قدم المدينة حتى تعلّمت سبّح اسم ربّك الأعلى في مثلها من المفصّل. البخاري.
وقال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، في حديث الرّحل، قال أبو بكر: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، حتّى قدمنا المدينة ليلا، فتنازعه القوم أيّهم ينزل عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّي أنزل اللّيلة على بني النّجّار