للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرجه مسلم (١).

وقال سليمان بن المغيرة وغيره: حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح قال: وفدنا إلى معاوية ومعنا أبو هريرة، وكان بعضنا يصنع لبعض الطعام، وكان أبو هريرة ممن يصنع لنا فيكثر، فيدعو إلى رحله.

قلت: لو أمرت بطعام، فصنع ودعوتهم إلى رحلي، ففعلت. ولقيت أبا هريرة بالعشي، فقلت: الدعوة عندي الليلة. فقال: سبقتني يا أخا الأنصار! قال: فإنهم لعندي إذ قال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار؟ فذكر فتح مكة، وقال: بعث رسول الله خالد بن الوليد على إحدى المجنبتين (٢)، وبعث الزبير على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر (٣). ثم رآني فقال: يا أبا هريرة! قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! قال: اهتف لي بالأنصار، ولا تأتني إلا بأنصاري. قال: ففعلته. ثم قال: انظروا قريشا وأوباشهم (٤) فاحصدوهم حصدا.

فانطلقنا فما أحد منهم يوجه إلينا شيئا، وما منا أحد يريد أحدا منهم إلا أخذه. وجاء أبو سفيان، فقال: يا رسول الله، أبيدت خضراء قريش! لا قريش بعد اليوم! فقال رسول الله : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن فألقوا سلاحهم.

ودخل رسول الله ، فبدأ بالحجر فاستلمه، ثم طاف سبعا وصلى خلف المقام ركعتين. ثم جاء ومعه القوس آخذ بسيتها (٥)، فجعل يطعن بها في عين صنم من أصنامهم، وهو يقول: ﴿جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾. ثم انطلق حتى أتى الصفا، فعلا منه حتى يرى البيت، وجعل يحمد الله ويدعوه، والأنصار عنده يقولون: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته! وجاء الوحي، وكان الوحي إذا جاء


(١) مسلم ٧/ ١٦٤، ودلائل النبوة ٥/ ٥٠ - ٥٤.
(٢) هما: الميمنة والميسرة، ويكون القلب بينهما.
(٣) أي: الذين لا دروع لهم.
(٤) كتب على هامش الأصل: "الأوباش والأوشاب: الجموع".
(٥) أي: طرفها.