للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يونس عن نافع، عن ابن عمر - أن رسول الله أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفا أسامة، ومعه بلال وعثمان بن طلحة من الحجبة، حتى أناخ في المسجد. فأمر عثمان أن يأتي بمفتاح البيت، ففتح، ودخل رسول الله مع أسامة وبلال وعثمان. فمكث فيها نهارا طويلا.

ثم خرج فاستبق الناس. وكان عبد الله بن عمر أول من دخل، فوجد بلالا وراء الباب، فسأله: أين صلى رسول الله ؟ فأشار إلى المكان الذي صلى فيه.

قال ابن عمر: فنسيت أن أسأله كم صلى من سجدة؟ صحيح. علقه البخاري محتجا به (١).

وقال ابن إسحاق (٢): حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة قالت: لما اطمأن رسول الله بمكة طاف على بعيره، يستلم الحجر بالمحجن (٣). ثم دخل الكعبة، فوجد فيها جمامة عيدان فاكتسرها، ثم قال بها على باب الكعبة وأنا أنظر، فرمى بها.

وذكر أسباط عن السدي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: لما كان يوم فتح مكة آمن رسول الله الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم، وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح.

فأما ابن خطل فأدرك وهو متعلق بالأستار، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا، فقتله.

وأما مقيس فقتلوه في السوق، وأما عكرمة فركب البحر، وذكر قصته، ثم أسلم.

وأما ابن أبي سرح فاختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله الناس إلى البيعة جاء به عثمان حتى أوقفه على النبي ، فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله! فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث.

ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت،


(١) البخاري ٥/ ١٨٨ - ١٨٩، وأحمد ٦/ ١٥، ودلائل النبوة ٥/ ٧٣ - ٧٤.
(٢) ودلائل النبوة ٥/ ٧٤.
(٣) في الأصل: "يستلم المحجن" وكتب البشتكي بخطه على الهامش: "كذا بخطه، وصوابه: يستلم الحجر بالمحجن".