للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتيناهم حتى هزمهم الله. وقال: فقبضنا ذلك المال، ثم انطلقنا إلى الطائف. قال: فحاصرناهم أربعين ليلة. ثم رجعنا إلى مكة ونزلنا. فجعل رسول الله يعطي الرجل المائة، ويعطي الرجل المائة. فتحدثت الأنصار بينهم: أما من قاتله فيعطيه، وأما من لم يقاتله فلا يعطيه. قال: ثم أمر بسراة المهاجرين والأنصار - لما بلغه الحديث - أن يدخلوا عليه. فدخلنا القبة حتى ملأناها. فقال: يا معشر الأنصار - ثلاث مرات، أو كما قال - ما حديث أتاني؟ قالوا: ما أتاك يا رسول الله؟ قال: أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبوا برسول الله حتى تدخلوه بيوتكم؟ قالوا: رضينا. فقال: لو أخذ الناس شعبا وأخذت الأنصار شعبا أخذت شعب الأنصار. قالوا: رضينا يا رسول الله. قال: فارضوا. أخرجه مسلم (١).

وقال ابن عون، عن هشام بن زيد، عن أنس، قال: لما كان يوم حنين .. فذكر القصة، إلى أن قال: وأصاب رسول الله يومئذ غنائم كثيرة، فقسم في المهاجرين والطلقاء، ولم يعط الأنصار شيئا. فقالت الأنصار: إذا كانت الشدة فنحن ندعى، ويعطى الغنيمة غيرنا. قال: فبلغه ذلك، فجمعهم في قبة وقال: أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبوا برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، رضينا. فقال: لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شعبا، لأخذت شعب الأنصار. متفق عليه (٢).

وقال شعيب، وغيره، عن الزهري، حدثني أنس أن ناسا من الأنصار قالوا: يا رسول الله ، حين أفاء الله عليهم من أموال هوازن ما أفاءه، فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله ، يعطي قريشا ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. فبلغ رسول الله ذلك، فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدع معهم أحدا غيرهم. فلما اجتمعوا قال: ما حديث بلغني عنكم؟ فقال له فقهاؤهم: أما ذوو


(١) مسلم ٣/ ١٠٧، ودلائل النبوة ٥/ ١٧١ - ١٧٣.
(٢) البخاري ٥/ ٢٠٢، ومسلم ٣/ ١٠٧، ودلائل النبوة ٥/ ١٧٤ - ١٧٥.