قد اشتغل بعلم الفروسية، فما سمع إلى سنة ثمانين. وكان إماماً في الفقه.
قال الحاكم: أقام يفتي نيفاً وخمسين سنة، لم يؤخذ عليه في فتاويه مسألة وهم فيها. وله الكتب المطولة مثل: الطهارة والصلاة والزكاة، ثم كذلك إلى آخر كتاب المبسوط وله كتاب الأسماء والصفات، وكتاب الإيمان والقدر، وكتاب فضل الخلفاء الأربعة، وكتاب الرؤية، وكتاب الأحكام، وكتاب الإمامة؛ وكان يخلف ابن خزيمة في الفتوى بضع عشرة سنة في الجامع وغيره. وسمعته وهو يخاطب فقيهاً فقال: حدثونا عن سليمان بن حرب. فقال ذلك الفقيه: دعنا من حدثنا إلى متى حدثنا وأخبرنا. فقال الصبغي: يا هذا، لست أشم من كلامك رائحة الإيمان، ولا يحل لك أن تدخل داري. ثم هجره حتى مات. وسمعت محمد بن حمدون يقول: صحبت أبا بكر الصبغي سنين، فما رأيته قط ترك قيام الليل، لا في سفرٍ ولا في حضر.
قال الحاكم: وسمعت أبا بكر غير مرة إذا أنشد بيتاً يفسده ويغيره، يقصد ذلك، وكان يضرب المثل بعقله ورأيه. سئل عن الرجل يدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة. فقال: يعيد الركعة. ثم صنف هذه المسألة، وروى عن أبي هريرة وعن جماعة من التابعين قالوا: يعيد الركعة.
ورأيته غير مرة إذا أذن المؤذن يدعو بين الأذان والإقامة ثم يبكي، وربما كان يضرب برأسه الحائط، حتى خشيت يوماً أن يدمي رأسه. وما رأيت في جميع مشايخنا أحسن صلاةً منه. وكان لا يدع أحداً يغتاب في مجلسه. وحدثنا قال: حدثنا يعقوب القزويني، فذكر حديثاً.
ثم قال الحاكم: كتبه عنه الدارقطني، وقال: ما كتبته عن أحدٍ قط. وسمعت أبا بكر الصبغي يقول: حملت إلى الري وأبو حاتم حيٌّ، وسألته عن مسألةٍ في ميراث أبي. ثم انصرفنا إلى نيسابور.
وسمعت أبا بكر يقول: خرجنا من مجلس إبراهيم الحربي ومعنا رجلٌ كثير المجون، فرأى أمرد، فتقدم فقال: السلام عليك، وصافحه وقبل عينيه وخده، ثم قال: حدثنا الدبري بصنعاء بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: