حافظاً للفقه على مذهب الشافعي. وكان كثير الصلاة متعبداً. ولي القضاء بمصر نيابةً لابن هروان الرملي.
وقال غيره: حج ومرض في الرجوع، فلما وصل إلى الجب توفي عند البئر والجميزة يوم الثلاثاء لأربعٍ بقين من المحرم سنة أربع. وهو يوم دخول الحاج إلى مصر.
وعاش تسعاً وسبعين سنة وشهوراً. ورخه المسبحي، وقال: كان فقيهاً عالماً كثير الصلاة والصيام. يصوم يوماً ويفطر يوماً، ويختم القرآن في كل يوم وليلة، قائماً مصلياً. قال: وصلي عليه يوم الأربعاء، ودفن بسفح المقطم عند قبر والدته، وحضر جنازته أبو القاسم بن الإخشيد، وأبو المسك كافور، والأعيان. وكان نسيج وحده في حفظ القرآن واللغة والتوسع في علم الفقه. وكانت له حلقة من سنين كثيرة يغشاها المسلمون. وكان جداً كله رحمه الله، فما خلف بمصر بعده مثله. وكان عالماً أيضاً بالحديث، والأسماء، والرجال، والتاريخ.
قال ابن زولاق في كتاب قضاة مصر: ولما كان في شوال سنة أربعٍ وعشرين وثلاث مائة سلم محمد بن طغج الإخشيد قضاء مصر إلى أبي بكر الحداد. وكان أيضاً ينظر في المظالم ويوقع فيها، ونظر في الحكم خلافةً عن الحسين بن محمد بن أبي زرعة محمد بن عثمان الدمشقي، وهو لا ينظر؛ وكان يجلس في الجامع وفي داره. وربما جلس في دار ابن أبي زرعة ووقع في الأحكام، وكاتب خلفاء النواحي. وكان فقيها متعبدا يحسن علوما كثيرة منها علم القرآن، وقول الشافعي، وعلم الحديث والكنى، واللغة، واختلاف الفقهاء، وأيام الناس، وسير الجاهلية، والشعر والنسب، ويحفظ شعرا كثيرا، ويجيد الشعر، ويختم في كل يوم وليلة، ويصوم يوما ويفطر يوما، ويختم يوم الجمعة ختمة أخرى في ركعتين في الجامع قبل صلاة الجمعة، سوى التي يختمها كل يوم، حسن الثياب رفيعها، حسن المركوب، فصيحاً غير مطعون عليه في لفظٍ ولا فضل، ثقة في اليد والفرج واللسان، مجموعا على صيانته وطهارته. كان من محاسن مصر، حاذقاً،