فقالت: يا أبا القاسم هدية أهديتها لك، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فأخذت منها، ثم وضعت بين يديه وأصحابه حضور، منهم بشر بن البراء بن معرور، وتناول رسول الله فانتهش من الذراع، وتناول بشر عظما آخر، فانتهش منه، وأكل القوم منها. فلما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم لقمة قال: ارفعوا أيديكم فإن هذه الذراع تخبرني أنها مسمومة فقال بشر: والذي أكرمك، لقد وجدت ذلك من أكلتي، فما منعني أن ألفظها إلا أني كرهت أن أبغض إليك طعامك، فلما أكلت ما في فيك لم أرغب بنفسي عن نفسك، ورجوت أن لا تكون ازدردتها وفيها بغي، فلم يقم بشر حتى تغير لونه، وماطله وجعه سنة ومات.
وقال بعضهم: لم يرم بشر من مكانه حتى توفي، فدعاها فقال: ما حملك؟ قالت: نلت من قومي، وقتلت أبي وعمي وزوجي، فقلت: إن كان نبيا فستخبره الذراع، وإن كان ملكا استرحنا منه، فدفعها إلى أولياء بشر يقتلونها. وهو الثبت.
وقال أبو هريرة: لم يعرض لها واحتجم النبي صلى الله عليه وسلم على كاهله. حجمه أبو هند بقرن وشفرة، وأمر أصحابه فاحتجموا أوساط رؤوسهم، وعاش بعد ذلك ثلاث سنين.
وكان في مرض موته يقول: ما زلت أجد من الأكلة التي أكلتها بخيبر، وهذا أوان انقطاع أبهري، وفي لفظ: ما زالت أكلة خيبر يعاودني ألم سمها والأبهر عرق في الظهر وهذا سياق غريب. وأصل الحديث في الصحيح.
وروى أبو الأحوص، عن أبي مسعود قال: لأن أحلف بالله تسعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة، يعني أنه مات موتا، وذلك بأن الله اتخذه نبيا وجعله شهيدا.