قال أبو عبد الله بن باكويه: سمعت أبا عبد الله بن خفيف، وقد سأله قاسم الإصطخري عن الأشعري، فقال: كنت مرة بالبصرة جالساً مع عمرو بن علويه على ساجة في سفينة نتذاكر في شيء، فإذا بأبي الحسن الأشعري قد عبر وسلم علينا وجلس، فقال: عبرت عليكم أمس في الجامع، فرأيتكم تتكلمون في شيء عرفت الألفاظ ولم أعرف المغزى، فأحب أن تعيدوها علي. قلت: وفي أي شيء كنا؟ قال: في سؤال إبراهيم عليه السلام: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}، وسؤال موسى:{أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَ ْكَ}. فقلت: نعم. قلنا: إن سؤال إبراهيم هو سؤال موسى، إلا أن سؤال إبراهيم سؤال متمكن، وسؤال موسى سؤال صاحب غلبة وهيجان، فكان تصريحاً، وكان سؤال إبراهيم تعريضاً، وذلك أنه قال: أرني كيف تحيي الموتى، فأراه كيفية المحيى ولم يره كيفية الإحياء، لأن الإحياء صفته والمحيى قدرته، فأجابه إشارة كما سأله إشارة، إلا أنه قال في الآخر:{وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ}. فالعزيز: المنيع. فقال أبو الحسن: هذا كلام صحيح. ثم إني مشيت مع أبي الحسن وسمعت مناظرته، وتعجبت من حسن كلامه حين أجابهم.
قال أبو العباس النسوي: صنف شيخنا ابن خفيف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وانتفع به جماعة صاروا أئمة يقتدى بهم، وعمر حتى عم نفعه البلدان.
وقال أبو الفتح عبد الرحيم بن أحمد خادم ابن خفيف: سمعت أبا عبد الله ابن خفيف يقول: سألنا يوماً القاضي أبو العباس بن شريح بشيراز، ونحن نحضر مجلسه لدرس الفقه، فقال لنا: محبة الله فرض أو لا؟ قلنا: فرض. قال: ما الدليل؟ فما فينا من أجاب بشيء، فسألناه، فقال: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ}. . . الآية. قال: فتواعدهم الله على تفضيل محبتهم لغيره على محبته، والوعيد لا يقع إلا على فرض لازم.
وقال ابن باكويه: كنت سمعت ابن خفيف يقول: كنت في بدايتي ربما أقرأ في ركعة واحدة عشرة آلاف {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وربما كنت أقرأ في ركعة القرآن كله.
وعن ابن خفيف أنه كان به وجع الخاصرة، فكان إذا أخذه أقعده عن الحركة، فكان إذا أقيمت الصلاة يحمل على الظهر إلى المسجد، فقيل له: لو