قوم يقومون الليل ويصومون النهار، قلنا: فنحن والله نصوم النهار ونقوم الليل، قال: فكيف صلاتكم؟ فوصفناها له، قال: فكيف صومكم؟ فأخبرناه به.
وسألنا عن أشياء فأخبرناه، فيعلم الله لعلا وجهه سواد حتى كأنه مسح أسود، فانتهرنا وقال لنا: قوموا، فخرجنا وبعث معنا أدلاء إلى ملك الروم، فسرنا، فلما دنونا من القسطنطينية قالت الرسل الذين معنا: إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك، فأقيموا حتى نأتيكم ببغال وبراذين، قلنا: والله لا ندخل إلا على دوابنا، فأرسلوا إليه يعلمونه، فأرسل: أن خلوا عنهم، فتقلدنا سيوفنا وركبنا رواحلنا، فاستشرف أهل القسطنطينية لنا وتعجبوا، فلما دنونا إذا الملك في غرفة له، ومعه بطارقة الروم، فلما انتهينا إلى أصل الغرفة أنخنا ونزلنا وقلنا: لا إله إلا الله، فيعلم الله لنقضت الغرفة حتى كأنها عذق نخلة تصفقها الرياح، فإذا رسول يسعى إلينا يقول: ليس لكم أن تجهروا بدينكم على بابي، فصعدنا فإذا رجل شاب قد وخطه الشيب، وإذا هو فصيح بالعربية، وعليه ثياب حمر، وكل شيء في البيت أحمر، فدخلنا ولم نسلم، فتبسم وقال: ما منعكم أن تحيوني بتحيتكم؟ قلنا: إنها لا تحل لكم، قال: فكيف هي؟ قلنا: السلام عليكم، قال: فما تحيون به ملككم؟ قلنا: بها، قال: فما كنتم تحيون به نبيكم؟ قلنا: بها، قال: فماذا كان يحييكم به؟ قلنا: كذلك، قال: فهل كان نبيكم يرث منكم شيئا؟ قلنا: لا، يموت الرجل فيدع وارثا أو قريبا فيرثه القريب، وأما نبينا فلم يكن يرث منا شيئا، قال: فكذلك ملككم؟ قلنا: نعم.
قال: فما أعظم كلامكم عندكم؟ قلنا: لا إله إلا الله، فانتفض وفتح عينيه، فنظر إلينا وقال: هذه الكلمة التي قلتموها فنقضت لها الغرفة؟ قلنا: نعم، قال: وكذلك إذا قلتموها في بلادكم نقضت لها سقوفكم؟ قلنا: لا، وما رأيناها صنعت هذا قط، وما هو إلا شيء وعظت به، قال: فالتفت إلى جلسائه فقال: ما أحسن الصدق، ثم أقبل علينا فقال: والله لوددت أني خرجت من نصف ملكي وأنكم لا تقولونها على شيء إلا نقض لها، قلنا: ولم ذاك؟ قال: ذلك أيسر لشأنها وأحرى أن لا تكون من النبوة وأن تكون من حيلة الناس. ثم قال لنا: فما كلامكم الذي تقولونه حين تفتتحون المدائن؟ قلنا: لا إله إلا الله والله