للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى عنه الأئمة الكبار؛ الدارقطني، وأبو الحسين الحجاجي، والحاكم أبو عبد الله، وأبو يعقوب القراب، وعامة الهرويين.

وكان يعاشر العلماء والصالحين، وله إفضال كثيرعليهم، وكان يضرب له الدينار دينارًا ونصفًا، فيتصدق بالدنانير التي من هذا الوزن، ويقول: إني لأفرح إذا ناولت فقيرًا كاغدة فيتوهم أنه فضة، فيفتحه فيفرح، ثم يزنه فيفرح ثالثًا.

وقد قال مرة: ما مست يدي دينارًا ولا درهمًا من نحو ثلاثين سنة.

قال الحاكم: قد صحبت أبا عبد الله بن أبي ذهل حضرًا وسفرًا، فما رأيت أحسن وضوءًا ولا صلاة منه، ولا رأيت في مشايخنا أحسن تضرعًا وابتهالًا منه، ولقد سألت الولي عن أعشار غلات أبي عبد الله كم تبلغ؟ قال: ربما زادت على ألف حمل.

وحدثني أبو أحمد الكاتب أن النسخة التي كانت عنده بأسماء من يقوتهم أبو عبد الله بهراة تزيد على خمسة آلاف بيت، وعرضت على أبي عبد الله ولايات جليلة فامتنع. ومولده سنة أربع وسبعين ومائتين، واستشهد في صفر. فأخبرني من صحبه أنه دخل الحمام فلما خرج ألبس قميصًا ملطخًا فانتفخ، ومات شهيدًا.

وقال أبو النضر عبد الرحمن الفامي: إنه صنف صحيحًا على صحيح البخاري وتفقه ببغداد، ولم يجتمع لرئيس بهراة ما اجتمع له من آلات السيادة، ونسبه هو وأبو بكر الخطيب فقالا: هو محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن عصم بن بلال بن عصم، أبو عبد الله العصمي.

قال الخطيب (١): أول سماعه سنة تسع وثلاث مائة بهراة، وورد بغداد دفعات، وحدث بها. روى عنه الدارقطني، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البرقاني، وغيرهم. قلت: وقد سمع شيخ الإسلام على خلق من أصحابه.

قال الخطيب (٢): وكان ثقة نبيلًا، من ذوي الأقدار العالية؛ قال مرة: قد


(١) تاريخه ٤/ ٢٠٣.
(٢) تاريخه ٤/ ٢٠٣ - ٢٠٥.