فبقوا أوحش ما يكون وأسمجه، لأنهم لفوا العمائم بلا صنعة، فبقوا ضحكة.
ثم سار غازياً نحو طليطلة، فاتصل به أن محمد بن هشام بن عبد الجبار قام بقرطبة وهدم الزهراء، وقام معه ابن ذكوان القاضي، لأن الناصر فوض الأمور إلى عيسى بن سعيد الوزير، فعظم ذلك على ابن ذكوان، ودب في إفساد رجال عيسى، وذكر فساد رأي المؤيد هشام وخلعه نفسه وتوليته شنشول، وتصديقه بما لا يجوز من جمع البقر البلق، وإعطائه الأموال والجوائز لمن أتاه بحافر حمار يدعي أنه حافر حمار العزيز، ومن يأتيه بحجر يقول هذا من الصخرة، وناس يأتونه بشعر يقولون: هذا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي أوجب طمع شنشول فيه.
وقيل: لهذا السبب كان المنصور أبو عامر يخفيه عن الناس.
ثم أنفق ابن عبد الجبار الذهب في جماعة من الشطار، فاجتمع له أربعمائة رجل، وأخذ يرتب أموره في السر. فلما كانت ليلة الأحد ثاني عشر جمادى الآخرة من سنة تسع، جمع والي المدينة العسس وطاف بهم وهجم الدور، فلم يقع له على أثر، ثم ركب ابن عبد الجبار بعد أيام بغلته وقت الزوال وصرخ أصحابه، وقصد دار الوالي، فقطع رأسه، وتملك الزهراء، فخرج إلى جوذر الكبير، فقال له: أين المؤيد؟ أخرجه، فقد أذل نفسه، وأذلنا بضعفه عن الخلافة. قال: فخرج إليه يقول: يؤمنني وأخرج إليه. قال: إني إنما قمت لأزيل الذل عنه، فإن خلع نفسه طائعاً فليس له عندي إلا ما يحب. قال له جوذر: قد أجابك إلى ذلك، فأرسلوا إلى ابن المكوي الفقيه وابن ذكوان القاضي والوزراء وأهل الشورى، فدخلوا على هشام، فكتب كتاب الخلع وعقد الأمر لمحمد المذكور، ثم ضعف أمر شنشول، فظفر به ابن عبد الجبار فذبحه في أثناء هذه السنة، وطيف برأسه.
ومن تاريخ ابن أبي الفياض قال: ختن شنشول في سنة ثمانين وثلاثمائة، فانتهت النفقة في ختانه إلى خمسمائة ألف دينار، وهو ابن ثماني سنين، وختن معه خمسمائة وسبعة وسبعون صبياً.