في أمرنا إذ قيل: هذا الأسود بشعوب، وقد خرج إليه شهر بن باذام، ثم أتانا الخبر أنه قتل شهرا وهزم الأبناء، وغلب على صنعاء بعد نيف وعشرين ليلة، وخرج معاذ هاربا حتى مر بأبي موسى الأشعري بمأرب، فاقتحما حضرموت.
وغلب الأسود على ما بين أعمال الطائف إلى البحرين وغير ذلك، وجعل يستطير استطارة الحريق، وكان معه سبعمائة فارس يوم لقي شهرا، وكان قواده: قيس بن عبد يغوث، ويزيد بن مخزوم، وفلان، وفلان. واستغلظ أمره، وغلب على أكثر اليمن.
وارتد معه خلق، وعامله المسلمون بالتقية. وكان خليفته في مذحج عمرو بن معد يكرب، وأسند أمر جنده إلى قيس بن عبد يغوث. وأمر الأبناء إلى فيروز الديلمي، وذادويه.
فلما أثخن في الأرض استخف بهؤلاء، وتزوج امرأة شهر، وهي بنت عم فيروز. قال: فبينا نحن كذلك بحضرموت، ولا نأمن أن يسير إلينا الأسود، وقد تزوج معاذ في السكون - إذ جاءتنا كتب النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا فيها أن نبعث الرجال لمجاولته ومصاولته. فقام معاذ في ذلك، فعرفنا القوة ووثقنا بالنصر.
وقال سيف: حدثنا المستنير عن عروة، عن الضحاك بن فيروز، عن جشنس ابن الديلمي قال: قدم علينا وبر بن يحنس بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا فيه بالنهوض في أمر الأسود، فرأينا أمرا كثيفا، ورأينا الأسود قد تغير لقيس بن عبد يغوث. فأخبرنا قيسا وأبلغناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنما وقعنا عليه فأجابنا. وجاء وبر، وكاتبنا الناس ودعوناهم.