أنجدنا، فلما دنا من البيت سمع غطيطا شديدا، وإذا المرأة جالسة. فلما قام فيروز على الباب أجلس الأسود شيطانه وكلمه، فقال: وأيضا فما لي ولك يا فيروز؟ فخشي إن رجع أن يهلك هو والمرأة، فعاجله وخالطه وهو مثل الجمل، فأخذ برأسه فدق عنقه وقتله، ثم قام ليخرج، فأخذت المرأة بثوبه تناشده.
فقال: أخبر أصحابي بقتله، فأتانا فقمنا معه، فأردنا حز رأسه فحركه الشيطان واضطرب، فلم نضبطه. فقال: اجلسوا على صدره، فجلس اثنان، وأخذت المرأة بشعره، وسمعنا بربرة فألجمته بملاءة، وأمر الشفرة على حلقه، فخار كأشد خوار ثور.
فابتدر الحرس الباب: ما هذا؟ ما هذا؟ قالت: النبي يوحى إليه. قال: وسمرنا ليلتنا كيف نخبر أشياعنا، فأجمعنا على النداء بشعارنا ثم بالأذان. فلما طلع الفجر نادى داذويه بالشعار، ففزع المسلمون والكافرون، واجتمع الحرس فأحاطوا بنا، ثم ناديت بالأذان، وتوافت خيولهم إلى الحرس.
فناديتهم: أشهد أن محمدا رسول الله، وأن عبهلة كذاب. وألقينا إليهم الرأس، وأقام وبر الصلاة، وشنها القوم غارة.
ونادينا: يا أهل صنعاء، من دخل عليه داخل فتعلقوا به، فكثر النهب والسبي، وخلصت صنعاء والجند، وأعز الله الإسلام. وتنافسنا الإمارة، وتراجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاصطلحنا على معاذ بن جبل، فكان يصلي بنا. وكتبنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الخبر. فقدمت رسلنا، وقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم صبيحتئذ فأجابنا أبو بكر رضي الله عنه.
وروى الواقدي عن رجاله قال: بعث أبو بكر قيس بن مكشوح إلى اليمن، فقتل الأسود العنسي هو وفيروز الديلمي. ولقيس هذا أخبار، وقد ارتد، ثم أسره المسلمون فعفا عنه أبو بكر، وقتل مع علي بصفين.