للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما ذقت شيئًا. وكنت سمعته يقول: الرافضة أسوأ حالًا عند الله من إبليس، لأنه قال في إبليس ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ فهذه لعنة إلى وقت معلوم. وقال في الروافض: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ يعني تكلموا في عائشة. سمعت أبا الفضل محمد بن عثمان الفقيه، سمع أبا الهيج الكردي يقول: كانت نفسي تطالبني بزيارة الشيخ أبي علي القومساني، فتمادت بي الأيام حتى بلغني مرضه، فبادرت، فتلقاني نعيه في الطريق، فسألت ولده أبا إسحاق أن يحكي لي بعض كراماته، فقال لي: يطول علي وعليك ذلك، ولكني أخبرك بما شاهدت منه في مرض موته، أتانا رجل من كرمان، صوفي في بزة حسنة، فاستأذنت له، فقال: هذا الرجل لا أحب لقاءه، فرجعت وتعللت بشدة مرضه، فقال: إنني من مسافة بعيدة، فلا تحرمني لقاء الشيخ، فتبقى حسرة، فرجعت إليه، فقال لي قبل أن يكلمني: يا بني إياك أن تدخل هذا الرجل علي، فهبت أن أراجعه، ثم في المرة الثالثة قال: يا بني لا تدخلنه علي، فإنه عاق لوالدته، فرجعت وتجرأت عليه، وأخبره بجلية الأمر، فاضطرب الرجل وبكى، وسقط إلى الأرض، وقال: إني تائب إلى الله، فدخلت على الشيخ، فقال: إن الرجل قد تاب، فأدخله، فإن الله يقبل المعذرة، فدخل يبكي ويعتذر، فقال الشيخ: تذكر خروجك من عند أمك وهي تبكي، وتمنعك مفارقتها، وأنت تقول: أنا أريد زيارة المشايخ، وهي تمنعك، فخرجت وهي باكية حزينة، وقد قال النبي للرجل الذي أتاه يغزو ألك والدان؟ قال: نعم، فارقتهما وهما يبكيان، فقال: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما (١). ثم قال الشيخ له: عليك بالرجوع من فورك هذا، وإلا كنت من المطرودين من باب الله، فرجع كما أمره، ومات الشيخ بعد يوم.


(١) حديث صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه الحميدي (٥٨٤)، وعبد الرزاق (٩٢٨٥)، وسعيد بن منصور (٢٣٣٢)، وأحمد ٢/ ١٦٠ و ١٩٤ و ١٩٨ و ٢٠٤، والبخاري في الأدب المفرد (١٣) و (١٩)، وأبو داود (٢٥٢٨)، وابن ماجة (٢٧٨٢)، والنسائي ٧/ ١٤٣ وغيرهم. وهو في الصحيحين: البخاري ٤/ ٧١، ومسلم ٨/ ٣ بلفظ مختلف.