للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج عليه أبو ركوة الوليد بن هشام العثماني الأموي الأندلسي بنواحي برقة، فمال إليه خلقٌ عظيم، فجهز الحاكم لحربه جيشا، فانتصر عليهم أبو ركوة وملك. ثم تكاثروا عليه وأسروه. ويقال: إنه قُتل من أصحابه مقدار سبعين ألفا، وحُمل إلى الحاكم فذبحه في سنة سبع وتسعين.

وكان مولد الحاكم في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، وكان يُحب العُزلة، ويركب على بهيمة وحده في الأسواق، ويُقيم الحسبة بنفسه

وكان خبيث الاعتقاد، مضطرب العقل، يقال: إنه أراد أن يدعي الإلهية، وشرع في ذلك، فكلمه أعيان دولته وخوفوه بخروج الناس كلهم عليه، فانتهى. واتفق أنه خرج ليلة في شوال سنة إحدى عشرة من القصر إلى ظاهر القاهرة، فطاف ليلته كلها. ثم أصبح فتوجه إلى شرقي حُلوان ومعه ركابيان، فرد أحدهما مع تسعة من العرب السويديين، ثم أمر الآخر بالانصراف، فذكر هذا الركابي أنه فارقه عند قبر الفقاعي والمقصبة، فكان آخر العهد به. وخرج الناس على رسمهم يلتمسون رجوعه، ومعهم دواب الموكب والجنائب، ففعلوا ذلك جمعةً. ثم خرج في ثاني يوم من ذي القعدة مظفر صاحب المظلة، ونسيم، وابن نشتكين، وطائفة، فبلغوا دير القُصير، ثم إنهم أمعنوا في الدخول في الجبل، فبينا هم كذلك إذ أبصروا حماره الأشهب المدعو بالقمر، وقد ضُربت يداه فأثر فيهما الضربُ، وعليه سرجه ولجامه. فتبعوا أثر الحمار، فإذا أثر راجل خلفه وراجل قدامه. فلم يزالوا يقصون الأثر حتى انتهوا إلى البركة التي في شرق حُلوان، فنزل رجل إليها، فوجد فيها ثيابه وهي سبع جِباب، فُوجدت مزررة لم تُحل أزرارها، وفيها آثار السكاكين، فلم يشكوا في قتله، مع أن طائفة من المتغالين في حُبه من الحمقى الحاكمية يعتقدون حياته، وأنه لا بد أن يظهر، ويحلفون بغيبة الحاكم، ويقال: إن أخته دست عليه من قتله لأمور بدت منه.

وحُلوان: قرية نزهةٌ على خمسة أميال من مصر، كان يسكنها عبد العزيز بن مروان، فوُلد له بها عمر رحمة الله عليه.

وقد مر في الحوادث بعض أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>