للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يوسف بن يعقوب القاضي: حدثنا أبو الربيع، قال: أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس بن مالك قال: جاء جبريل إلى النبي وهو خارج من مكة، قد خضبه أهل مكة بالدماء، قال: ما لك؟ قال: خضبني هؤلاء بالدماء وفعلوا وفعلوا، قال: تريد أن أريك آية؟ قال: نعم، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها رسول الله ، فجاءت تخط الأرض حتى قامت بين يديه، قال: مرها فلترجع إلى مكانها، قال: ارجعي إلى مكانك فرجعت، فقال رسول الله : حسبي. هذا حديث صحيح (١).

وقال ابن إسحاق (٢): حدثني وهب بن كيسان، قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد الله (٣) عن كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله من النبوة حين جاءه جبريل، فقال عبيد بن عمير: كان رسول الله يجاور في حراء من كل سنة شهرا، وكان ذلك مما تتحنث به قريش في الجاهلية. والتحنث التبرر.

قال ابن إسحاق (٤): فكان يجاور ذلك في كل سنة، يطعم من جاءه من المساكين، فإذا قضى جواره من شهره، كان أول ما يبدأ به الكعبة، فيطوف ثم يرجع إلى بيته، حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله كرامته، وذلك الشهر رمضان، خرج إلى حراء ومعه أهله، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، جاءه جبريل بأمر الله تعالى. قال رسول الله : جاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: اقرأ، قلت: ما أقرأ؟ قال: فغتني (٥) به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: وما أقرأ؟ فغتني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: وما أقرأ؟ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي، فقال:


(١) دلائل النبوة ٢/ ١٥٤. وأخرجه أحمد ٣/ ١١٣، والدارمي (٢٣)، وابن ماجة (٤٠٢٨).
(٢) ابن هشام ١/ ٢٣٥.
(٣) هكذا في الأصل، ولعل هذا من خطاب ابن الزبير له، وإلا فاسمه: "عُبيد" حسب.
(٤) ابن هشام ١/ ٢٣٦.
(٥) أي: عصرني عصرًا شديدًا حتى وجدت منه المشقة.