الغاية، وهو لقّبه رئيس الرؤساء ورفع من قدره، وكان من خيار الوزراء.
ولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، وسمع من جدِّه أبي الفرج المعدّل، ومن أبي أحمد بن أبي مسلم الفرضيّ، وإسماعيل الصَّرصريّ، وحدَّث. روى عنه أبو بكر الخطيب، وكان خصِّيصا به. قال: كتبت عنه، وكان ثقة. قد اجتمع فيه من الآلات ما لم يجتمع في أحد قبله، مع سداد مذهب، ووفور عقل، وأصالة رأي.
وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ: وفي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة في ربيع الآخر رسم لأبي القاسم علي ابن المسلمة النَّظر في أمور الخليفة، وتقدَّم إلى الحواشي بتوفية حقوقه فيما جعل إليه، فجلس لذلك على دهليز الفردوس، وعليه الطَّيلسان، وبين يديه الدّواة، وهنّأه الأعيان واستدعي إلى حضرة أمير المؤمنين، ثم خرج فجلس في الديوان في مجلس عميد الرؤساء ودسته، وحمل على بغلة بمركب، ومضى إلى داره ومعه القضاة والأشراف والحجاب.
وقال في سنة ثلاث وأربعين: وفي عيد الأضحى حضر الناس في بيت النّوبة، واستدعي رئيس الرؤساء، فخلع عليه، ولُقِّب جمال الورى شرف الوزراء.
قلت: ولم يبق له ضدّ إلاّ البساسيري، وهو الأمير المظفَّر أبو الحارث أرسلان التُّركي، فإنه عظم قدره ببغداد، وبعد صيته، ولم يبق للملك الرّحيم ابن بويه معه إلاّ مجرَّد الاسم. ثمّ إن المذكور خلع الخليفة، وتملَّك بغداد، وخطب بها للمستنصر العبيدي، وقتل رئيس الرؤساء كما ذكرناه في ترجمة القائم وغير موضع.
وقال أبو الفضل محمد بن عبد الملك الهمذانيّ في تاريخه: إن البساسيري حبس رئيس الرؤساء ثم أخرجه وعليه جبَّة صوف وطرطور أحمر، وفي رقبته مخنقة جلود، وهو يقرأ:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآية، وهو يردَّدها، وطيف به على جمل، ثمّ نصبت له خشبة بباب خراسان