لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها. فلما ولى قال عمر لأصحابه: أوعدني العبد آنفا. ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه، فكمن في زاوية من زوايا المسجد في الغلس.
وقال عمرو بن ميمون الأودي: إن أبا لؤلؤة عبد المغيرة طعن عمر بخنجر له رأسان وطُعن معه اثنا عشر رجلا، مات منهم ستة، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا، فلما اغتم فيه قتل نفسه.
وقال عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: جئت من السوق وعمر يتوكأ علي، فمر بنا أبو لؤلؤة، فنظر إلى عمر نظرة ظننت أنه لولا مكاني بطش به، فجئت بعد ذلك إلى المسجد الفجر فإني لبين النائم واليقظان، إذ سمعت عمر يقول: قتلني الكلب، فماج الناس ساعة، ثم إذا قراءة عبد الرحمن بن عوف.
وقال ثابت البناني، عن أبي رافع: كان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل علي فكلمه، فقال: أحسن إلى مولاك، ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه، فغضب وقال: يسع الناس كلهم عدله غيري، وأضمر قتله واتخذ خنجرا وشحذه وسمه، وكان عمر يقول: أقيموا صفوفكم قبل أن يكبر، فجاء فقام حذاءه في الصف وضربه في كتفه وفي خاصرته، فسقط عمر، وطعن ثلاثة عشر رجلا معه، فمات منهم ستة، وحمل عمر إلى أهله وكادت الشمس أن تطلع، فصلى ابن عوف بالناس بأقصر سورتين، وأتي عمر بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يتبين، فسقوه لبنا فخرج من جرحه فقالوا: لا بأس عليك، فقال: إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت. فجعل الناس يثنون عليه ويقولون: كنت وكنت، فقال: أما والله وددت أني خرجت منها كفافا لا علي ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت لي.
وأثنى عليه ابن عباس، فقال: لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع، وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير