فازدحم الناس يبايعون عثمان حتى غشوه عند المنبر وأقعدوه على الدرجة الثانية، وقعد عبد الرحمن مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر. قال: وتلكأ علي، فقال عبد الرحمن:{فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} فرجع علي يشق الناس حتى بايع عثمان وهو يقول: خدعة وأيما خدعة.
ثم جلس عثمان في جانب المسجد ودعا بعبيد الله بن عمر بن الخطاب، وكان محبوسا في دار سعد، وسعد الذي نزع السيف من يد عبيد الله بعد أن قتل جفينة والهرمزان وبنت أبي لؤلؤة، وجعل عبيد الله يقول: والله لأقتلن رجالا ممن شرك في دم أبي، يعرض بالمهاجرين والأنصار، فقام إليه سعد فنزع السيف من يده وجبذه بشعره حتى أضجعه وحبسه، فقال عثمان لجماعة من المهاجرين: أشيروا علي في هذا الذي فتق في الإسلام ما فتق، فقال علي: أرى أن تقتله، فقال بعضهم: قتل أبوه بالأمس ويقتل هو اليوم؟! فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الحدث ولك على المسلمين سلطان، إنما تم هذا ولا سلطان لك، قال عثمان: وأنا وليهم وقد جعلتها دية واحتملتها من مالي.
قلت: والهرمزان هو ملك تستر، وقد تقدم إسلامه، قتله عبيد الله بن عمر لما أصيب عمر، فجاء عمار بن ياسر فدخل على عمر فقال: حدث اليوم حدث في الإسلام، قال: وما ذاك؟ قال: قتل عبيد الله الهرمزان، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون علي به، وسجنه.
قال سعيد بن المسيب: اجتمع أبو لؤلؤة وجفينة، رجل من الحيرة، والهرمزان، معهم خنجر له طرفان مملكه في وسطه، فجلسوا مجلسا فأثارهم دابة فوقع الخنجر، فأبصرهم عبد الرحمن بن أبي بكر، فلما طعن عمر حكى عبد الرحمن شأن الخنجر واجتماعهم وكيفية الخنجر، فنظروا فوجدوا الأمر كذلك، فوثب عبيد الله فقتل الهرمزان، وجفينة، ولؤلؤة بنت أبي لؤلؤة، فلما استخلف عثمان قال له علي: أقد عبيد الله من الهرمزان،