وطغرلبك إلى سنجر مستجيرين به، هذا من أخيه محمود، وهذا من الخليفة، فأجارهما، ولبسا عليه، فقالا: قد طردنا الخليفة، وقال: هذه البلاد لي، فقبض سنجر على دبيس وسجنه خدمة للخليفة.
وفي رجب راح سعد الدولة برنقش، فاجتمع بالسلطان خاليًا وأكثر الشكوى من الخليفة، وحقق عنده أنه يطلب الملك، وأنه خرج من بيته نوبتين وكسر من قصده، وإن لم يفكر في حسم ذلك اتسع الخرق، وسترى حقيقة ذلك إذا دخلت بغداد. والذي يحمله على ذلك وزيره، وقد كاتب أمراء الأطراف، وجمع الأكراد والعرب، فحصل في نفس محمود ما دعاه إلى المجيء إلى بغداد.
وفيها قتلت الباطنية بالموسل آقسنقر البرسقي في مقصورة الجامع، فيما ذكر ابن الجوزي، والصحيح سنة عشرين.
وفيها قدم البرسقي فنازل كفرطاب، وأخذها من الفرنج، ثم عمل مصافًا مع الفرنج، وكانوا خلقًا، فكسروه، وقتلوا نحو الألف من المسلمين، وأسروا خلقًا.
وفيها جمع بغدوين الصغير صاحب القدس وحشد، وأغار على حوران، فخرج لحربه طغتكين في خلق كثير وتركمان قدموا للجهاد، وخلق من أحداث دمشق، ومن المرج، والغوطة بالعدد التامة. فالتقوا بمرج الصفر، فحملت الملاعين على المسلمين، فهزموهم إلى عقبة سحوراء، وقتلوا أكثر الرجالة، وما نجا إلا من له فرس جواد.
وجاء طغتكين وقد أسرت أبطاله، وما شك الناس أن الفرنج يصبحون البلد، فحازوا الغنائم والأسرى ورجعوا، فلا قوة إلا بالله.
وفيها عسكر اللعين ابن رذمير الذي استولى على شرق الأندلس بجيش في أربعة آلاف فارس بفاوة، فسار من سرقسطة، ثم على بلنسية، ثم مرسية. ومر على جزيرة شقر، فنازلهم أيامًا. وكان على الأندلس تميم بن يوسف بن تاشفين، ومقامه بغرناطة، فجمع الجيوش، والتف على ابن رذمير سواد عظيم من نصارى البلاد، فوطئ بلاد الإسلام يغير وينهب.