إلا السيف! وقال لبرنقش: أنت كنت السبب في مجيئه وأنت أفسدته، وهم بقتله. فمنعه الوزير، وقال: هو رسول. فرجعا بكتاب الخليفة وبالرسالة، فاستشاط غضبًا، وأمر بالرحيل إلى بغداد.
وفي يوم الأضحى نصبت خيمة عظيمة، وصلى المسترشد الخليفة بالناس، وكان المكبرون خطباء الجوامع ابن الغريق، وابن المهتدي، وابن البرمكي. وصعد المنبر، ووقف ولي عهده الراشد بالله دونه، بيده سيف مشهور، فقال: الله أكبر، ما سحت الأنواء، وأشرق الضياء، وطلعت ذكاء، وعلت على الأرض السماء! الله أكبر، ما همع سحاب، ولمع سراب، وأنجح طلاب، وسر قادما إياب!
وذكر خطبة بليغة، ثم جلس. ثم قام فخطب، وقال: اللهم أصلحني في ذريتي، وأعني على ما وليتني، وأوزعني شكر نعمتك، ووفقتي وانصرني! فلما أنهاها وتهيأ للنزول بدره أبو المظفر محمد بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمي فأنشده:
عليك سلام الله يا خير من علا على منبر قد حف أعلامه النصر وأفضل من أم الأنام وعمهم بسيرته الحسنى وكان له الأمر وأفضل أهل الأرض شرقًا ومغربًا ومن جده من أجله نزل القطر لقد شرفت أسماعنا منك خطبة وموعظة فصل يلين لها الصخر ملأت بها كل القلوب مهابة فقد رجفت من خوف تخويفها مصر وزدت بها عدنان مجدًا مؤثل فأضحى لها من الأنام بك الفخر وسدت بني العباس حتى لقد غدا تباهي بك السجاد والعلم البحر فلله عصر أنت فيه إمامه ولله دين أنت فيه لنا الصدر بقيت على الأيام والملك كلما تقادم عصر أنت فيه أتى عصر وأصبحت بالعيد السعيد مهنأ تشرفنا فيه صلاتك والنحر ونزل، فنحر البدنة بيده، وكان يومًا لم ير مثله من دهر، ثم دخل السرادق، ووقع البكاء على الناس، ودعوا له بالنصر، وجمعت السفن جميعها إلى الجانب الغربي، فانقطع عبور الناس بالكلية.
وبلغ السلطان حلوان، فأرسل من هنالك الأمير زنكي إلى واسط، فأزاح عنها عفيفا الخادم، فلحق بالخليفة، ولم يبق بالجانب الشرقي سوى الحاجب