لحفظ دار الخلافة. وسدت أبوابها كلها سوى باب النوبي، ونزل السلطان بالشماسية في ثامن عشر ذي الحجة. ونزل عسكره في دور الناس، وترددت الرسل إلى الخليفة تتلطف به، وتطلب الصلح وهو يمتنع ثم وقف عسكر للسلطان بالجانب الشرقي، والعامة بالجانب الغربي يسبون الأتراك، ويقولون: يا باطنية، يا ملاحدة! عصيتم أمير المؤمنين، فعقودكم باطلة وأنكحتكم فاسدة! وتراموا بالنشاب.
وفيها عاث ملك الفرنج ابن رذمير، لعنه الله، بالأندلس، وشق بلاد المسلمين جميعها، وسبى ونهب، حتى انتهى إلى قريب قرطبة، فحشد المسلمون وقصدوه، فبيتهم وقتل منهم مقتلة. ثم عاد نحو بلاده، وهو الذي كسر المسلمين أيضًا سنة أربع عشرة وخمسمائة، ثم حاصر سنة ثمان وعشرين مدينة أفراغه، وأهلكه الله.
وفيها هاجت الإسماعيلية بخراسان، ونصر عليهم عسكر سنجر، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة.
وفيها قتل البر قي.
وفيها كثرت الإسماعيلية بالشام، وكان الناس والكبار يخافونهم، فرأى الوزير أبو طاهر بن سعد المزدقاني من المصلحة أن يسلم إلى رئيسهم بهرام حصنًا، فأعطاه طغتكين بانياس وتألم الناس لذلك.
وفي سنة عشرين وقعة مرج الصفر، ساقها ابن الأثير، فقال: التقوا في أواخر ذي الحجة، واشتد القتال، فسقط طغتكين، فظن الجند أنه قتل فانهزموا إلى دمشق، وركب فرسه ولحقهم. فساقت الفرنج وراءهم، وبقي رجالة التركمان قد عجزوا عن الهزيمة، فحملوا على رجالة الفرنج، فقتلوا عامتهم، ونهبوا عسكر الفرنج وخيامهم، ثم عادوا سالمين غانمين إلى دمشق.
ولما ردت خيالة الفرنج من وراء طغتكين رأوا رجالتهم صرعى، وأموالهم قد راحت، فتموا منهزمين. قال: وهذا من الغريب أن طائفتين ينهزمان.
وفيها استفحل أمر بهرام داعي الباطنية بحلب والشام، وعظم الخطب وهو على غاية الاختفاء، يغير الزي، ويطوف البلاد والقلاع، ولا يعرف. إلى