للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤرخين الذين عرفوا بقوة عربيتهم مثل جمال الدين ابن الدبيثي وجمال الدين بن القفطي في كتابه "إنباه الرواة" وغيرهما. فضلًا عن أن بعضَ أهل العربية يرى أن هذا الاستعمال قد يكون تقديرًا منهم يريدون "ثالث عشرين من شهر صفر" ونحوه (١).

ومن ذلك قوله في ترجمة الظاهر بيبرس البندقداري المتوفى سنة ٦٧٦ هـ: "فإن له أيامًا بيضاء في الإسلام" (٢)، والأصح أن يقول "أيامًا بِيضًا" كما هو معروف عند أهل العربية لأن "أيام" جمع فكان لابد أنْ يلحقَ الصفةَ وهي مجموعة أيضًا. ومثل هذه المسائل بمجموعها لا تخرج الذهبيَّ عن صحة اللغة والمعرفة التامة بها، وهي ليست من الإهمام بحيث يقال فيها أخطأ فلانٌ وأصاب فلان.

ولقد اعتنى الذهبيُّ عنايةً بالغة بضبط الأسماء والأنساب ونحوها تقييدًا بالحروف تارة، وضبطًا بالقلم تارة أخرى، وكان معنيًا أشَدَّ العنايةِ حتى بضبط التلفظ بالأسماء، فلما أشكل عليه التلفظُ ببعض أسماء أهل الأندلس كتب إلى شيخه العلامة أثير الدين أبي حيان الغرناطي "ت ٧٤٥ هـ" (٣)، يسأله عن ذلك، قال الصفدي في ترجمة أبي حيان: "وله اليدُ الطولى في … وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم خصوصًا المغاربة وتقييد أسمائهم على ما يتلفظون به من إمالة وترخيم وترقيق وتفخيم لأنهم مجاورو بلاد الفرنج وأسماؤهم قريبة (من لغاتهم) (٤) وألقابهم كذلك، كل ذلك قد جَوَّدَهُ وقَيَّده وحَرَّره، والشيخ شمس الدين الذهبي له سؤالات سأله عنها فيما يتعلق بالمغاربة وأجابه عنها" (٥). وقد كتب أثير الدين إلى الذهبي كتابًا من أجل ذلك سماه: "قطر الحبي في جواب أسئلة الذهبي" ذكره أبو حيان في إجازته لصلاح الدين الصفدي، (٦) ونقل منه ابن حجر في ترجمة أبي الحجاج


(١) انظر مقدمتنا لكتاب "ذيل تاريخ مدينة السلام" لابن الدبيثي ص ٦٢ - ٦٣.
(٢) الورقة ٣٥ (أيا صوفيا ٣٠١٤).
(٣) انظر عن أبي حيان كتاب الدكتورة خديجة الحديثي: "أبو حيان النحوي" بغداد ١٩٦٦.
(٤) ما بين العضادتين إضافة من نفح الطيب للمقري ج ٣ ص ٢٩٥.
(٥) الصفدي: الوافي ج ٥ ص ٢٦٧ - ٢٨٦، والمقري: نفح الطيب ج ٣ ص ٢٩٥.
(٦) الصفدي: الوافي ص ٥ ص ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>