للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزي (١).

إنَّ عنايةَ الذهبيِّ بدراسة عددٍ ضخم من المؤلفات التاريخية والأدبية والحديثية واشتهاره بقوة الحافظة جعلته يطلع على أساليب عددٍ كبير من الكتاب والمؤلفين على مدى عصور طويلة تنوعت أساليب الكتابة فيها، فأكسبه كُلُّ ذلك خبرةً أدبية قوية.

وقد تميز أسلوبُ الذهبيِّ بالطراوة والحبك ولم يُعْنَ بالصفةِ البيانية وتزويق الألفاظ كغيره من معاصريه وتلامذته مثل ابن سيد الناس وتاج الدين السبكي والصلاح الصفدي وغيرهم. وهذا أمرٌ طبيعي فيما نرى لأنَّ للكلمة مكانتها عند الذهبي، وهو الناقدُ الذي يختارُ العبارةَ المناسبة للتعبير عما يريد بصورة دقيقة ويصف المترجَم بالعبارة التي تَزِنُه جرحًا أو تعديلًا، فهو أسلوبٌ علمي قبل كل شيء. ومن الواضح أنه لا يمكن عرضُ الحوادث بصفةٍ دقيقة وأوصاف المترجمين بشكل متقنٍ باتباع مثل تلك الأساليب، لأنَّ أسلوبَ الصنعةِ البلاغية يتجلى فيه دائمًا الابتعادُ عن الدقة.

وكان الذهبيُّ صاحبَ منهج تاريخي بدا في غايةِ الوضوح في التراجم، لذلك فإنه لم يخرج عن موضوع هو بصددِ بحثه، فلم نجدْ في كتابه استطرادًا لا في الحوادث ولا في الوفيات.

وقد عمد الذهبيُّ مثل غيره من المحدثين وعلماء الرجال إلى استعمال المختصرات (٢) في أسلوبه الكتابي، وتشمل هذه المختصرات بعض الألفاظ وأسماء الكتب التي يتكرر ذكرها في كتاب ما، ويرمز إليها عادة بحرف واحد أو أكثر أو رقم، وقد ذكر الذهبي بعضها في مقدمة كتابه (٣)، وإليك ما وقفنا عليه من المختصرات التي استعملها:


(١) المصدر السابق: ج ٥ ص ٢٣٤ وانظر خديجة الحديثي: أبو حيان النحوي ٢٦١ قلت: والحبي: السحابُ الذي بعضُه فوق بعض.
(٢) انظر عن المختصرات واستعمالاتها: الصفدي: الوافي، ج ١ ص ٤١ - ٤٢، ومقدمتنا لتاريخ ابن الدبيثي م ١ ص ٦٣، والعلموي: المعيد في أدب المفيد والمستفيد. المسألة العاشرة (ط. دمشق)، وروزنتال: مناهج العلماء المسلمين، ص ٩٦ - ١٠١ وغيرها.
(٣) ١/ ٧ - ٨ (من طبعتنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>