ومن أهل البصرة نفر فأتوا طلحة، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير، وقال كل فريق منهم: إن بايعنا صاحبنا وإلا كدناهم وفرقنا جماعتهم، ثم كررنا حتى نبغتهم، فأتى المصريون عليا وهو في عسكر عند أحجار الزيت، وقد سرح ابنه الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع إليه، فسلم على علي المصريون، وعرضوا له، فصاح بهم وطردهم، وقال: لقد علم الصالحون أنكم ملعونون، فارجعوا لا صحبكم الله، فانصرفوا، وفعل طلحة والزبير نحو ذلك، فذهب القوم وأظهروا أنهم راجعون إلى بلادهم، فذهب أهل المدينة إلى منازلهم، فلما ذهب القوم إلى عساكرهم كروا بهم، وبغتوا أهل المدينة ودخلوها وضجوا بالتكبير، ونزلوا في مواضع عساكرهم، وأحاطوا بعثمان، وقالوا: من كف يده فهو آمن، ولزم الناس بيوتهم، فأتى علي رضي الله عنه، فقال: ما ردكم بعد ذهابكم؟ قالوا: وجدنا مع بريد كتابا بقتلنا، وقال الكوفيون والبصريون: نحن نمنع إخواننا وننصرهم، فعلم الناس أن ذلك مكر منهم، وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم، فساروا إليه على الصعب والذلول، وبعث معاوية إليه حبيب بن مسلمة، وبعث ابن أبي سرح معاوية بن حديج وسار إليه من الكوفة القعقاع بن عمرو، فلما كان يوم الجمعة صلى عثمان بالناس وخطب، فقال: يا هؤلاء الغزاء الله الله، فوالله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فامحوا الخطأ بالصواب، فإن الله لا يمحو السيء إلا بالحسن، فقام محمد بن مسلمة، فقال: أنا أشهد بذلك، فأقعده حكيم بن جبلة، فقام زيد بن ثابت، فقال: ابغني الكتاب، فثار إليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة فأقعده وتكلم فأفظع، وثار القوم بأجمعهم، فحصبوا الناس حتى أخرجوهم، وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشيا عليه، فاحتمل وأدخل الدار، وكان المصريون لا يطمعون في أحد من أهل المدينة أن ينصرهم إلا