للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاسيما بالعبيدية الباطنية قاتلهم الله" (١) ثم أورد أخبارًا عن ذلك (٢)، وقوله في حوادث سنة ٣٧٢ هـ: "وفي هذا الزمان كانت الأهواء والبدع فاشية بمثل بغداد ومصر من الرفض والاعتزال والضلال فإنا لله وإنا إليه راجعون" (٣). ويتضح لنا من كل هذه الأمثلة أن عقيدته السُّنية هي التي دفعته إلى التركيز على مثل هذه الحوادث.

وقد عرفنا من دراستنا لسيرة الذهبي وعصره ما شهدته دمشق على عهده من صراع عقائدي حاد أثر إلى حد كبير في تكوينه الفكري، لذلك وجدناه، انطلاقًا من بيئته وتكوينه الفكري، يُعنى بذكر النزاعات العقائدية على مدى التاريخ حيث أولاها عناية خاصة (٤)، وأورد أخبار الفتن التي قامت بسببها (٥). ولعل من أوضح الأمثلة التي تؤيد هذه المقالة، الكمية التي خصصحها من الحوادث لذكر مواقف الخلفاء العباسيين من محنة القول بخلق القرآن ابتداء بالمأمون وانتهاء بالمتوكل الذي رفع القول بخلق القرآن. وحسبنا أن نذكر أنه في الوقت الذي كانت الحوادث في هذه السنوات لا تستغرق في العادة أكثر من نصف ورقة فإنه كتب عن امتحان المأمون للعلماء في حوادث سنة ٢١٨ هـ قرابة الست أوراق متتالية (٦)، ولعل هذا كان من الأسباب الرئيسة التي جعلت العقائد تكون عنصرًا بارزًا من عناصر الترجمة كما سيأتي بيانه.

وعني الذهبي بإبراز أعمال الخلفاء والملوك والأمراء المتصلة بنشر الدين والعناية به، وإبطال الفساد (٧). وبناء المساجد والجوامع (٨) وتجديدها (٩).


(١) ٨/ ١٨٥.
(٢) ٨/ ١٨٥ - ١٨٦.
(٣) ٨/ ٣٤٧ وأورد حكاية لأحد المغاربة القادمين من بغداد تبين كيف كان أهل الكلام من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس يتناقشون من غير اعتماد على كتاب الله تعالى.
(٤) انظر مثلًا الورقة ٢٢٠، ٢٣٠ (أيا صوفيا ٣٠١١) والورقة ٢٣٨، ٢٦٥ (أيا صوفيا ٣٠١٢) والورقة ٣٣٢ (أيا صوفيا ٣٠١٤) وغيرها.
(٥) ٨/ ٧٠٥ - ٥٠٨ و ٩/ ١٨.
(٦) الورقة ٨٨ - ٩٣ (أيا صوفيا ٧ ٣٠٠).
(٧) مثلًا الورقة ٢٣٠ (أيا صوفيا ٣٠١١) والورقة ٢٤٨ (أيا صوفيا ٣٠١٢).
(٨) مثلًا الورقة ٢٤٥ (أيا صوفيا ٣٠١١) والورقة ٣٢٦ (أيا صوفيا ٣٠١٤).
(٩) مثلًا الورقة ٢٢٧، ٢٢٩، ٢٣٠ (أيا صوفيا ٣٠١١) والورقة ٢٤١ (أيا صوفيا ٣٠١٢) والورقة ٣٢٥ (أيا صوفيا ٣٠١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>