للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم وجدنا الذهبي المسلم المتمسك بدينه يُعنى بذكر أخبار الحركات التي كان الهدف منها، في رأيه، تدمير الإسلام الحق مثل البابكية، والزنج، والقرامطة وأمثالهم، يظهر لنا ذلك مما خصص لهم من أخبار في تاريخه ومن تحمسه عليهم فهو دائم اللعن لصاحب الزنج ويسميه "الخبيث" (١). وقد اعتبر الذين قتلهم بابك الخرمي في حروبه شهداء في سبيل الله (٢)، وقال عن أبي طاهر القرمطي: "وقد كان هذا الملعون بلاء عظيمًا على الإسلام وأهله" (٣).

وتناول الذهبي السني أخبار الدولة المسماة الفاطمية بشيء من التفصيل، باعتبارها من أكبر الأخطار التي جابهت أهل السنة، فهم عنده باطنية (٤)، أدعياء نسب إلى آل البيت (٥)، ولذلك أطلق عليهم "بني عبيد" أو "العبيديين" أو "الرافضة" ونحوها، وقد قال في عبيد الله المهدي مؤسس دولتهم: "ويا حبذا لو كان رافضيًا وبس (٦) ولكنه زنديق" (٧)، وذكر في غير موضع من كتابه كيف كانوا يقتلون أهل السنة بعد تعذيبهم ليردوهم عن الترضي عن الصحابة (٨). وقد اعتنى الذهبي في أثناء تناول حوادث السنين بإجمال حال السنة وأهلها لما لذلك من أهمية عنده، نحو ذكره في آخر حوادث سنة ٣٦٣ هـ قطع الخطبة في مكة والمدينة وإقامتها للمعز العبيدي "في الحجاز ومصر والشام والمغرب، وكان الرفض قائمًا في هذه الأقاليم وفي العراق (٩) والسُّنة خاملة مغمورة لكنها ظاهرة بخراسان وأصبهان فالأمر لله تعالى" (١٠). ثم قوله في سنة ٣٦٤ هـ: "وفي هذه السنين وبعدها كان الرفض يغلي ويفور بمصر والشام والغرب والشرق


(١) انظر مثلًا: ٦/ ١٦ (من طبعتنا).
(٢) تذكرة الحفاظ، ج ٢ ص ٤١٥.
(٣) ٧/ ٦٢٩.
(٤) ٨/ ١٨٥.
(٥) تكلم الذهبي في نسب الفاطميين في غير موضع من كتابه وكان يرى بطلانه، انظر مثلًا الورقة ١٨٧ (أيا صوفيا ٣٠٠٨).
(٦) كلمة فصيحة بمعنى "حسب" كما في معاجيم اللغة.
(٧) ٧/ ٤٦١.
(٨) المصدر نفسه.
(٩) يعني بسبب استيلاء البويهيين على العراق.
(١٠) ٨/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>