الرملة جريدة، وجرت بين المسلمين وبين الفرنج عدة وقعات صغار في هذه الأيام، في سائرها يكون الظفر للمسلمين. ثمّ دخل صلاح الدّين القدس لكثرة الأمطار، وتقدمت الفرنج إلى النطرون على قصد بيت المقدس. واشتد الأمر، وجرى بينهم وبين يزك المسلمين عدة وقعات. وجد صلاح الدّين في تحصين القدس بكل ممكن، حتى كان ينقل الحجارة على فرسه بنفسه.
ومما جرى أن ملك الأنكتير ركب بالفرنج في البحر، فركب السّلطان في البر لقتالهم. فأحضر الفرنج جماعة من أسارى المسلمين، فقتلوهم صبرًا، فحمل المسلمون عليهم وأزالوهم عن مواقفهم، وقتلوا منهم جماعة، واستشهد من المسلمين جماعة. ثمّ تصرف السّلطان في المال المقرر، فلما دخل شعبان رحلت الفرنج بخيلهم ورجلهم، فعرف السّلطان أن قصدهم عسقلان، فرحل بالجيش في قبالتهم، وبقي يزك المسلمين يقاتلونهم في كل مرحلة. ثم كانت بينهم وبين السّلطان وقعة نهر القصب، استشهد فيها إياز الطويل وكان أحد الأبطال. ثمّ كانت وقعة أرسوف، فكانت الدبرة على الفرنج خذلهم اللَّه.
ووصل السّلطان إلى عسقلان فأخلاها، وشرع في هدمها في أثناء شعبان. ثمّ رحل إلى الرملة، فأمر بتخريب حصنها، وتخريب لُدّ، ثمّ مضى جريدةً إلى القدس زائرا وعاد.
أنبأنا ابن البزوري، ق ل: في ربيع الأول حضر عبد الوهاب الكردي السارق قلعة الماهكي مصفدًا بالحديد، فرحمه الخليفة وخلع عليه وأعطي كوسات وأعلامًا، وأقطع الدينور.
وفي جمادى الأولى عُزل عن أستاذ دارية الخلافة علي بن بختيار، وولي جلال الدّين عبيد اللَّه بن يونس.
وفي جُمادى الآخرة عدا بركة الساعي من تكريت إلى بغداد في يومٍ ولم يسبق إلى هذا، وحصل له خلع ومال طائل.
وفيه رُتب الموصلي النصراني جاثليق النصارى، وخُلع عليه بدار الوزارة، وقرئ عهده في كنيسة درب دينار.
وفي شوال خرج العسكر الخليفتي مع مؤيد الدّين ابن القصاب نائب