بهما الصعب من تحصيل الفن، وحفظهما خلقٌ كثير، وقد قرأتهما على أصحاب أصحابه.
وكان إمامًا قُدوة، زاهدًا، عابدًا، قانتًا، منقبضًا، مهيبًا، كبير الشأن، استوطن القاهرة، وتصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية، وانتفع به الخلق، وكان يتوقّد ذكاءً.
روى عنه أبو الحسن بن خيرة ووصفه من قوة الحفظ بأمر معجب، وروى عنه أيضاً: أبو عبد اللَّه محمد بن يحيى الجنجالي، وأبو بكر بن وضاح، وأبو الحسن عليّ بن هبة اللَّه ابن الجُميزي، وأبو محمد عبد اللَّه بن عبد الوارث المعروف بابن فار اللبن، وهو آخر من روى عنه.
وقرأ عليه القراءات: أبو موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعد الشافعي، وأبو الحسن عليّ بن محمد السخاوي، وأبو عبد اللَّه محمد بن عمر القُرطبي، والزين أبو عبد اللَّه محمد المقرئ الكردي، والسديد أبو القاسم عيسى بن مكي العامري، والكمال عليّ بن شجاع العباسي، الضرير، وآخرون.
فحكى الإمام أبو شامة أن أبا الحسن السخاوي أخبره أن سبب انتقال الشاطبي من شاطبة إلى مصر، أنه أريد على أن يُولى الخطابة بشاطبة، فاحتج بأنه قد وجب عليه الحج، وأنه عازمٌ عليه، وتركها ولم يعد إليها تورعًا، مما كانوا يُلزمون به الخطباء من ذكرهم على المنابر بأوصافٍ لم يرها سائغةً شرعًا، وصبرَ على فقرٍ شديد، وسمع بالثغر من السلفي، ثم قدم القاهرة، فطلبه القاضي الفاضل للإقراء بمدرسته، فأجاب بعد شروطٍ اشترطها، وقد زار البيت المقدس قبل موته بثلاثة أعوام، وصام به شهر رمضان، قال السخاوي: أقطعُ بأنه كان مكاشفًا، وأنه سأل اللَّه كفاف حاله ماكان أحدٌ يعلم أيَّ شيء هو.
قال الأبار في تاريخه: تصدَّر للإقراء بمصر، فعظم شأنه، وبعُد صيته، وانتهت إليه الرياسة في الإقراء، ثم قال: وقفتُ على نسخةٍ من