للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكون أصحاب الفيل. وقيل: بل جرى ذلك لوالده يوسف.

ثم ذكر فصلًا فيه طول في كرمه وعدله وخيره، إلى أن قال: فإذا كان عشر ذي الحجة أمر ولاة الزكاة بإحضارها، فيفرقها في الأصناف الثمانية.

حدثني بعض عمالهم أنه فرق في عيد سنة أربع وتسعين - ثلاثًا وسبعين ألف رأس من معز وضأن. ثم ذكر أنه عمل مكتبًا كبيرًا فيه جماعة عرفاء وغيرهم، ويجري عليهم النفقات والكسوة للصبيان، فسألت واحدًا فقال: نحن عشرة معلمين، والصبيان يزيدون على الألف، وقد ينقصون.

وكان يكسو الفقراء في العام، ويختن أولادهم، ويعطي الصبي دينارًا.

قال عبد الواحد: وكان مهتمًا بأمر البناء، لم يخل وقت من قصر يستجده، أو مدينة يعمرها. وزاد في مراكش زيادة كبيرة. وأمر أن يميز اليهود بلباس ثياب كحلية وأكمام مفرطة في الطول والسعة، تصل إلى قريب أقدامهم، وبدلًا من العمائم كلوتات على أشنع صور، كأنها البراذع، تبلغ إلى تحت آذانهم وشاع هذا الزي فيهم. وبقوا إلى أن توسلوا إلى ابنه بعده بكل وسيلة وشفاعة، فأمرهم ابنه بثياب صفر، وعمائم صفر، فهم على ذلك إلى وقتنا، وهو سنة إحدى وعشرين وستمائة.

فائدة:

ذكر تاج الدين بن حمويه أنه سأل ابن عطية الكاتب: ما بال هذه البلاد، يعني المغرب، ليس فيها أحد من أهل الذمة ولا كنائس ولا بيَع؟ فقال: هذه الدولة قامت على رهبةٍ وخشونة. وكان المهدي قد قال لأصحابه: إن هؤلاء الملثمين مبتدعة مجسمة مشبهة كفرة، يجوز قتلهم وسبيهم بعد أن يعرضوا على الإيمان. فلما فعل ذلك، واستولوا على السلاطين بعد موت المهدي، وفتح عبد المؤمن مراكش، أحضر اليهود والنصارى، وقال: ألستم قد أنكرتم، يعني أوائلكم، بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ودفعتم أن يكون هو الرسول الموعود به في كتابكم، وقلتم: إن الذي يأتي إنما يأتي لتأييد شريعتنا وتقرير ملتنا؟ قالوا: نعم. قال: فأين منتظركم إذًا؟ سيما وقد زعمتم أنه لا يتجاوز خمسمائة عام. وهذه خمس

<<  <  ج: ص:  >  >>