السيد الإمام أبي يوسف يعقوب، ولقد كانت الدولة بسيادته مجملة، والمحاسن والفضائل في أيامه مكملة، يقصده العلماء لفضله، والأغنياء لعدله، والفقراء لبذله، والغزاة لكثرة جهاده، والصلحاء والعامة لتكثير سواده وزيادة إمداده، والزهاد لإرادته وحسن اعتقاده. كما قال فيه بعض الشعراء:
أهل لأن يسعى إليه ويرتجى ويزار من أقصى البلاد على الوجا ملك غدا بالمكرمات مقلدًا وموشحًا ومختمًا ومتوجًا عمرت مقامات الملوك بذكره وتعطرت منه الرياح تأرجا وجد الوجود وقد دجا فأضاءه ورآه في الكرب العظام ففرجا
ولما قدمت عليه أكرم مقدمي، وأعذب في مشارعه موردي، وأنجح في حسن الإقبال والقبول مقصدي، وقرر لي الرتبة والراتب، وعين أوقات الدخول إلى مجلسه بغير مانع ولا حاجب. وكانت أكثر مجالسه المرتبة بحضور العلماء والفضلاء، يفتتح في ذلك بقراءة القرآن، ثم يقرأ بين يديه قدر ورقتين أو ثلاث من الأحاديث النبوية. وربما وقع البحث في معانيها، ثم يختم المجلس بالدعاء، فيدعو هو. وكذا كان يدعو عند نزوله من الركوب. ثم ينزل فيدخل قصره.
والذي أعلمه من حاله أنه كان يجيد حفظ القرآن، وكان يحفظ متون الأحاديث، ويتكلم في الفقه والأحكام كلامًا بليغًا، ويناظر ويباحث. وكان فقهاء الوقت يرجعون إليه في الفتاوى والمشكلات وله فتاو مجموعة. وكانوا ينسبونه إلى مذهب الظاهر والحكم بالنصوص.
وكان فصيح العبارة، مهيبًا، ملحوظ الإشارة، مع تمام الخلقة وحسن الصورة وطلاقة البشر، لا يرى منه اكفهرار، ولا له عن مجالسه إعراض ولا ازورار. يدخل عليه الداخل فيراه بزي الزهاد والعلماء، وعليه جلالة الملوك.
وقد صنف كتاب الترغيب في الأحاديث التي في العبادات، فمن فتاويه:
حضانة الولد للأم ثم للأب ثم للجدة. اليمين على المنكر ولا ترد على المدعي بحال، من نكل عن اليمين حُكم عليه بما نكل عنه، الشفعة لا تنقطع إلا بتصريح من الذي يجب له إسقاطها، من ادعى العدم وأشكل أمره، خير طالبه بين أن يخلي سبيله، وبين أن يحبسه وينفق عليه.
وله شعر جيد، وموشحات مشهورة.
وبلغني أن قومًا أتوه بفيل هدية من بلاد السودان، فوصلهم ولم يقبل الفيل، وقال: لا نريد أن