قال: وبلغني أنه تصدق سنة إحدى وتسعين قبل خروجه إلى الغزوة بأربعين ألف دينار. وكان كلما دخلت السنة أمر أن يكتب له الأيتام والمنقطعون، فيجمعون إلى عند قصره، فيختنون، ويأمر لكل صبي منهم بمثقال، وثوب، ورغيف، ورمانة. هذا كله شهدته.
وبنى بمراكش بيمارستانًا ما أظن في الدنيا مثله، أجرى فيه مياهًا كثيرة، وغرس فيه من جميع الأشجار، وزخرفه، وأمر له من الفرش بما يزيد على الوصف. وأجرى له ثلاثين دينارًا كل يوم برسم الأدوية. وكان كل جمعة يعود فيه المرضى ويقول: كيف حالكم؟ كيف القومة عليكم؟.
وفي سنة نيف وثمانين ورد عليه من مصر قراقش التقوي، فتى تقي الدين عمر ابن أخي السلطان الملك الناصر، والأمير شعبان، والقاضي عماد الدين في جماعة، فأكرمهم وأقطعهم، حتى أقطع رجلًا منهم من أهل إربل يعرف بأحمد الحاجب مواضع، وأقطع شعبان بالأندلس قرى تغل في السنة نحوًا من تسعة آلاف دينار، سوى ما قرر لهم من الجامكية.
وأخبرني أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مطرف بمكة قال: قال لي أمير المؤمنين أبو يوسف: يا أبا العباس، اشهد لي بين يدي الله أني لا أقول بالعصمة، يعني عصمة ابن تومرت.
وقال لي، وقد استأذنته في فعل: متى نفتقر إلى وجود الإمام؟ يا أبا العباس أين الإمام، أين الإمام؟ أخبرني أبو بكر بن هانئ الجياني قال: لما رجع أمير المؤمنين من غزوته تلقيناه، فسألني عن أحوال البلد وقضاته وولاته، فلما فرغت من جوابه سألني: ما قرأت من العلم؟ فقلت: قرأت تواليف الإمام، أعني ابن تومرت، فنظر إلي نظرة المغضب وقال: ما هكذا يقول الطالب، إنما حكمك أن تقول: قرأت كتاب الله، وقرأت شيئًا من السنة، ثم بعد هذا قل ما شئت.
وقال تاج الدين عبد السلام بن حمويه الصوفي: دخلت مراكش في أيام