ربيع الأول. وبقي ليلة الثلاثاء في المسجد، واجتمع من الغد خلق كثير من الأئمة والأمراء والناس ما لا يحصيهم إلا الله. ودفناه بالقرافة مقابل قبر الشيخ أبي عمرو بن مرزوق، في مكان ذكر لي خادمه عبد المنعم أنه كان يزور ذلك المكان، ويبكي فيه إلى أن يبل الحصى، ويقول: قلبي يرتاحُ إلى هذا المكان. فرحمه الله ورضي عنه.
قال الضياء: وتزوج ببنت خاله رابعة بنت أحمد بن محمد بن قدامة، فولدت له محمدا، وعبد الله، وعبد الرحمن، وفاطمة، وعاشوا حتى كبروا. وتسرى بجارية في مصر، فلم توافقه، ثم بأخرى، فولدت له بنتين ماتتا ولم تكبرا.
سمعت عبد الحميد بن خولان أن الضياء أخبرهم، قال: لما دخلنا أصبهان كنا سبعة، أحدنا الإمام أحمد بن محمد ابن الحافظ، وكان طفلاً، فسمعنا على المشايخ. وكان شيخنا مؤيد الدين ابن الإخوة عنده جملة حسنة من المسموعات، فسمعنا عليه قطعة، وكان يتشدّد علينا. ثم إنه توفي، فضاق صدري لموته كثيراً، لأنه كانت عنده مسموعات عند غيره. وأكثر ما ضاق صدري لأجل ثلاث كتب: مسند العدني، ومعجم ابن المقرئ، ومعجم أبي يعلى. وكنت قد سمعت عليه في السفرة الأولى مسند العدني ولكن لأجل رفقتي، فرأيت في النوم كأن الحافظ عبد الغني رحمه الله قد أمسك رجلاً، وهو يقول لي: أم هذا، أم هذا. والرجل الذي أشار إليه هو ابن عائشة بنت معمر. فلما استيقظت قلتُ في نفسي: ما قال هذا إلا لأجل شيء. فوقع في قلبي أنه يريد الحديث، فمضيت إلى دار بني معمر وفتشت الكتب، فوجدتُ مسند العدني سماع عائشة مثل ابن الإخوة، فلما سمعناه عليها قال لي بعض الحاضرين: إن لها سماعًا بمُعجم ابن المقرئ. قلت: أين هو؟ قال: عند فلان الخباز. فأخذناه وسمعناه منها. وبعد أيام ناولني بعض الإخوان معجم أبي يعلى سماعها. فسمعناه.
أنشدنا ابن خولان، قال: أنشدنا أبو عبد الله الحافظ سنة ست وعشرين وست مائة، قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن سعد بن عبد الله لنفسه يرثي الحافظ: