للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع منه أبو الفَهْم عبد الرحمن بن أبي العجائز الأزدي.

قال ابن النجار: سمعنا معه وبقراءته كثيرًا، وكتب بخطه كثيرًا، وحصّل كثيرًا من الأصول، واستنسخ كثيرًا من الكُتب، وكان في رحلتي الأولي يُعِيرُني الأصول ويفيدني عن الشيوخ، ويتفضّل إذا زُرته. وكان من أئمة المسلمين، حافظًا للحديث مَتْنًا وإسنادًا، عارفًا بمعانيه وغريبه، مُتقنًا لأسامي المحدِّثين وتراجمهم، مع ثقة وعدالة وأمانة وديانة وتودّد وكَيْس ومروءة ظاهرة، ومساعدة للغُرباء.

وذكره الحافظ الضياء، فقال: كان، رحمه الله، حافظًا فقيهًا ذا فنون، وكان أحسن الناس قراءة وأسرعها، وكان غزير الدمعة عند القراءة، وكان مُتقِنًا ثقة سَمْحًا جوادًا.

قلت: وارتحل إلى أصبهان ومعه أخوه أبو موسى، فسمعا الكثير من أصحاب أبي علي الحداد، ومن بعده سَمعا من أبي الفضل عبد الرحيم بن محمد الكاغدي، ومسعود بن أبي منصور الجمال الخياط، وأبي المكارم أحمد بن محمد اللّبّان، ومحمد بن أبي زيد الكرّاني، وأبي جعفر الصيدلاني، وجماعةٍ.

قال الضياء: وسافر العز إلى بغداد مع عمّه الإمام عماد الدين إبراهيم، وأقام ببغداد عشر سنين، واشتغل بالفقه والنحْو والخِلاف، ورجع وكان يتكلم في مسائل الخِلاف كلامًا حسنًا، ثم سافر بعد مدة إلى أصبهان في طلب الحديث، ولقوا شدة من الغَلاء والجوع. ثم رجع إلى بغداد وأقام بها يقرأ شيئًا من الفقه واللغة على الشيخ أبي البقاء. ثم عاد إلى دمشق، وكان يقرأ الحديث للناس كل ليلة جمعة في مسجد دار البِطِّيخ بدمشق، يعني مسجد السلاّليّين، وانتفع الناس بمُجالسته. ثم إنه انتقل إلى الجامع، إلى موضع والده فكان يقرأ يوم الجُمُعة بعد الصلاة في حلقتنا؛ وسبب حصول ذلك أنه لما جاء حنبل من بغداد، أراد الملك المُعظَّم يسمع المُسند عليه، فقرأ له بعض المحدّثين، وكان المُسنَد يُقرأ عندنا وفي المدينة، وكان العز، رحمه الله، يقرأ ويحضر عندنا جماعة من أهل المدينة، منهم العَلَم الرقّي إمام الملك، فمضى إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>