للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وحكى لي الصالح غرس الدين أبو بكر الإربلي قال: كان ابن خالتي من حجاب مظفر الدين صاحب إربل، فحدثني قال: أرسلني مظفر الدين إلى خوارزم شاه رسولا فأكرمني، وأجلسوني فوق رسول الخليفة، وفوق الملوك الذين هم في خدمته، فكان عدة من التقينا من عسكره وممن هو داخل في طاعته ثلاثمائة ألف وخمسين ألفا، وكنا كلما جئنا إلى مكان يقولون: هذا رسول الفقير مظفر الدين. فسألت بعض الوزراء: كم تكون عدة جيش السلطان؟ قال: المدونة ثلاثون تومانا، التومان: عشرة آلاف.

قلت: وكانت دولته إحدى وعشرين سنة.

ثم رأيت سيرته وسيرة ولده لشهاب الدين محمد بن أحمد بن علي النسوي في مجلد، فذكر فيه سعة ممالكه وقهره البلاد والعباد، واستيلائه على خراسان وخوارزم وأطراف العراق ومازندران وكرمان ومكران وكيش وسجستان والغور وغزنة وباميان وما وراء النهر والخطا، وما يقارب أربعمائة مدينة. وذكر من عظمة أمه تركان الخطائية أمورا لم يسمع بمثلها؛ من عظمتها ونفوذ أمرها، وقتلها النفوس، وجبروتها، وأن جنكزخان أسرها؛ ورأت الذل والهوان والجوع.

قال النسوي: ولما رحل من حافة جيحون إلى نيسابور والناس يتسللون لم يقم بها إلا ساعة رعبا تمكن من صدره، وذعرا داخل صميم قلبه، فحكى لي الأمير تاج الدين عمر البسطامي قال: وصل السلطان بسطام، فاستحضرني وأحضر عشرة صناديق، وقال: هذه كلها جوهر، وفي هذين الصندوقين جوهر يساوي خراج الدنيا بأسرها، فأمرني بحملها إلى قلعة أردهن، ففعلت، وأخذت خط متوليها بوصولها مختومة، فحاصر التتار القلعة إلى أن صالحهم متوليها على تسليم الصناديق إليهم بختومها، فحملت إلى جنكزخان. ووصل السلطان إلى أعمال همذان في عشرين ألفا، فلم ترعه إلا صيحة العدو، فقاتلهم بنفسه، وشمل القتل جل أصحابه، ونجا هو في نفر يسير إلى مازندران

<<  <  ج: ص:  >  >>