للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حافة البحر، فأقام بقرية هناك يحضر المسجد ويصلي مع إمام القرية، ويبكي، وينذر النذور إن سلم، إلى أن كبسه التتار بها، فبادر إلى مركب فوقعت فيه سهامهم، وخاض خلفه ناس؛ فغرقوا. وحدثني غير واحد ممن كانوا مع السلطان في المركب، قالوا: كنا نسوق المركب، وبالسلطان من علة ذات الجنب ما آيسه من الحياة وهو يظهر الاكتئاب ضجرا، ويقول: لم يبق لنا من ملكنا قدر ذراعين، تحفر فنقبر، فما الدنيا لساكنها بدار. فلما وصل إلى الجزيرة سر بذلك، وأقام بها فريدا طريدا والمرض يزداد. وكان في أهل مازندران ناس يتقربون إليه بالمأكول والمشروب وما يشتهيه، فقال في بعض الأيام: أشتهي أن يكون عندي فرس ترعى حول خيمتي. فلما سمع الملك حسن أهدى له فرسا. ومن قبل كان اختيار الدين أمير آخر السلطان مقدما على ثلاثين ألف فارس يقول: لو شئت لجعلت أصحابي ستين ألفا من غير كلفة، وذلك أنني أستدعي من كل جشار للسلطان في البلاد جوبانا فينيفون على ثلاثين ألفا. فتأمل يا هذا بعد ما بين الحالتين!

ومن حمل إليه في تلك الأيام شيئا من المأكول وغيره كتب له توقيعا بمنصب جليل، وربما كان الرجل يتولى كتابة توقيع نفسه لعدم موقع، فأمضاها بعد ولده جلال الدين. ثم حل به الحمام، وانقضت الأيام، فغسله شمس الدين محمود الجاويش ومقرب الدين الفراش، وما كان عنده كفن، ودفن بالجزيرة.

أذل الملوك وصاد القروم وصير كل عزيز ذليلا وحف الملوك به خاضعين وزفوا إليه رعيلا رعيلا فلما تمكن من أمره وصارت له الأرض إلا قليلا وأوهمه العز أن الزمان إذا رامه ارتد عنه كليلا أتته المنية مغتاظة وسلت عليه حساما صقيلا

<<  <  ج: ص:  >  >>