الناس، ولم يعلم بهما. فأما ثابت فقتله المشركون، وأما حسيل فقتله المسلمون ولا يعرفونه.
قال: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: كان فينا رجل أتي لا يدرى ممن هو، يقال له قزمان. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا ذكر له: إنه لمن أهل النار. فلما كان يوم أحد قتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين وكان ذا بأس، فأثبتته الجراحة، فاحتمل إلى دار بني ظفر، فجعلوا يقولون له: والله لقد أبليت اليوم يا قزمان، فأبشر. قال: بماذا أبشر؟ والله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي، ولولا ذلك لما قاتلت. فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما فقتل به نفسه.
قال ابن إسحاق: وكان ممن قتل يومئذ مخيريق، وكان أحد بني ثعلبة بن العيطون، قال لما كان يوم أحد: يا معشر يهود، والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق. قالوا: إن اليوم يوم السبت. قال: لا سبت. فأخذ سيفه وعدته وقال: إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء. ثم غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقاتل معه حتى قتل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا: مخيريق خير يهود.
ووقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى، يجدعن الآذان والآنف، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما، وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها، فلم تستطيع أن تسيغها فلفظتها. ثم علت على صخرة مشرفة، فصرخت بأعلى صوتها:
نحن جزيناكم بيوم بدر والحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر ولا أخي، وعمه وبكري. شفيت صدري وقضيت نذري شفيت وحشي غليل صدري.