الصدر، عليه قميص أبيض، وبقيار أبيض مسكّن، عليه طرحة قصب بيضاء، ولم يزل جالساً إلى أن أذن الظهر ثم جلس أن أذن الظّهر، ثمّ جلس كذلك يوم الأحد ويوم الاثنين، وأحضر بين يدي الشبّاك شمس الدّين أحمد ابن النّاقد، وقاضي القضاة أبو صالح الجيليّ، فرقيا المنبر، فقال الوزير مؤيّد الدّين القمّيّ لقاضي القضاة: أمير المؤمنين قد وكّل أبا الأزهر أحمد هذا وكالةً جامعة في كلّ ما يتجدّد من بيعٍ وإقرار وعتق وابتياع.
فقال القاضي: أهكذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: نعم، فقال القاضي: ولّيتني يا أمير المؤمنين ما ولاّني والدك رحمة الله عليه؟ فقال: نعم، وليتك ما ولاّك والدي، فنزلا، وأثبت القاضي الوكالة بعلمه.
وفي شعبان قدم الصّاحب ضياء الدّين نصر الله ابن الأثير رسولاً عن صاحب الموصل بدر الدّين، فأورد الرسالة وهذه نسختها: ما لّيل والنهار لا يعتذران وقد عظم حادثهما، وما للشمّس والقمر لا ينكسفان وقد فقد ثالثهما.
فيا وحشة الدّنيا وكانت أنيسةً ووحدة من فيها لمصرع واحد وهو سيّدنا، ومولانا، الإمام الظّاهر أمير المؤمنين، الّذي جعلت ولايته رحمةً للعالمين، واختير من أرومة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ الّذي هو سيّد ولد آدم، ثمّ ذكر فصلاً.
قال ابن السّاعي: وخلعت الخلع، فبلغني أنّ عدّتها ثلاثة آلاف خلعة وخمسمائة ونيّف وسبعون خلعة، وركب الخليفة ظاهراً لصلاة الجمعة بجامع القصر، وركب ظاهراً يوم الاثنين الآتي في دجلة بأبّهة الخلافة، ثمّ ركب والنّاس كافّةً مشاة، ووراءه الشّمسة، والألوية المذهّبة، والقصع تضرب وراء السّلاحيّة، فقصد السرادق الّذي ضرب له، ونزل به ساعة، ثمّ ركب وعاد في طريقه.
وفيها التقى جلال الدّين ملك الخوارزميّة الكرج، وكانوا في جمعٍ عظيم إلى الغاية، فكسرهم، وأمر عسكره، أن لا يبقوا على أحدٍ، فتتبّعوا المنهزمين،