نعم، إن أعطيتموني عهودكم أن لا تخالفوني، كفيتكم الرجل، قالوا: ذاك لك. قال: فأذن لهم ودخلوا، فحمد الله معاوية وأثنى عليه، ثم قال: قد علمتم مسيري فيكم، وصلتي لأرحامكم، وصفحي عنكم، ويزيد أخوكم، وابن عمكم، وأحسن الناس فيكم رأيا، وإنما أردت أن تقدموه، باسم، وتكونوا أنتم الذين تنزعون، وتؤمرون، وتقسمون، فسكتوا، فقال: ألا تجيبوني! فسكتوا، فأقبل على ابن الزبير فقال: هات يا ابن الزبير، فإنك لعمري صاحب خطبة القوم.
قال: نعم يا أمير المؤمنين، نخيرك بين ثلاث خصال، أيها ما أخذت فهو لك، قال: لله أبوك، اعرضهن، قال: إن شئت صنع ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن شئت صنع ما صنع أبو بكر، وإن شئت صنع ما صنع عمر. قال: ما صنعوا؟ قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يعهد عهدا، ولم يستخلف أحدا، فارتضى المسلمون أبا بكر. فقال: إنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر، إن أبا بكر كان رجلا تقطع دونه الأعناق، وإني لست آمن عليكم الاختلاف. قال: صدقت، والله ما نحب أن تدعنا، فاصنع ما صنع أبو بكر. قال: لله أبوك وما صنع؟ قال: عمد إلى رجل من قاصية قريش، ليس من رهطه فاستخلفه، فإن شئت أن تنظر أي رجل من قريش شئت، ليس من بني عبد شمس، فنرضى به. قال: فالثالثة ما هي؟ قال: تصنع ما صنع عمر. قال: وما صنع؟ قال: جعل الأمر شورى في ستة، ليس فيهم أحد من ولده، ولا من بني أبيه، ولا من رهطه. قال: فهل عندك غير هذا؟ قال: لا، قال: فأنتم؟ قالوا: ونحن أيضا. قال: أما لي فإني أحببت أن أتقدم