وقال جويرية بن أسماء: سمعت أشياخ أهل المدينة يحدثون: أن معاوية لما رحل عن مر قال لصاحب حرسه: لا تدع أحدا يسير معي إلا من حملته أنا، فخرج يسير وحده حتى إذا كان وسط الأراك، لقيه الحسين فوقف وقال: مرحبا وأهلا بابن بنت رسول الله، وسيد شباب المسلمين، دابة لأبي عبد الله يركبها، فأتي ببرذون فتحول عليه، ثم طلع عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: مرحبا وأهلا بشيخ قريش وسيدها وابن صديق الأمة، دابة لأبي محمد، فأتي ببرذون فركبه، ثم طلع ابن عمر، فقال: مرحبا وأهلا بصاحب رسول الله، وابن الفاروق، وسيد المسلمين، فدعا له بدابة فركبها، ثم طلع ابن الزبير، فقال: مرحبا وأهلا بابن حواري رسول الله، وابن الصديق، وابن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا له بدابة فركبها، ثم أقبل يسير بينهم لا يسايره غيرهم، حتى دخل مكة، ثم كانوا أول داخل وآخر خارج، وليس في الأرض صباح إلا ولهم حباءٌ وكرامة، ولا يعرض لهم بذكر شيء، حتى قضى نسكه وترحلت أثقاله، وقرب مسيره، فأقبل بعض القوم على بعض فقال: أيها القوم لا تخدعوا، إنه والله ما صنع بكم ما صنع لحبكم ولا لكرامتكم، ولا صنعه إلا لما يريد، فأعدوا له جوابا.
وأقبلوا على الحسين فقالوا: أنت يا أبا عبد الله! فقال: وفيكم شيخ قريش وسيدها هو أحق بالكلام. فقالوا لعبد الرحمن: يا أبا محمد! قال: لست هناك، وفيكم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد المسلمين. فقالوا لابن عمر: أنت! قال: لست بصاحبكم، ولكن ولوا الكلام ابن الزبير. قال: