لا نفعل، والله لتردن هذا الأمر شورى في المسلمين، أو لنعيدنها عليك جذعة، ثم وثب ومضى، فقال معاوية: اللهم اكفنيه بما شئت، ثم قال: على رسلك أيها الرجل، لا تشرفن على أهل الشام، فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك، حتى أخبر العشية أنك قد بايعت، ثم كن بعد على ما بدا لك من أمرك.
ثم أرسل إلى ابن الزبير فقال: يا ابن الزبير، إنما أنت ثعلب رواغ، كلما خرج من جحر دخل آخر، وإنك عمدت إلى هذين الرجلين فنفخت في مناخرهما وحملتهما على غير رأيهما. فقال ابن الزبير: إن كنت قد مللت الإمارة فاعتزلها، وهلم ابنك فلنبايعه، أرأيت إذا بايعنا ابنك معك لأيكما نسمع ونطيع! لا نجمع البيعة لكما أبدا، ثم راح. وصعد معاوية المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنا وجدنا أحاديث الناس ذات عوار، زعموا أن ابن عمر، وابن أبي بكر، وابن الزبير، لن يبايعوا يزيد، وقد سمعوا وأطاعوا وبايعوا له، فقال أهل الشام: والله لا نرضى حتى يبايعوا على رؤوس الأشهاد، وإلا ضربنا أعناقهم، فقال: سبحان الله ما أسرع الناس إلى قريش بالشر، لا أسمع هذه المقالة من أحد منكم بعد اليوم، ثم نزل، فقال الناس: بايع ابن عمر وابن الزيبر وابن أبي بكر وهم يقولون: لا والله ما بايعنا. فيقول الناس: بلى، وارتحل معاوية فلحق بالشام.
وقال أيوب، عن نافع، قال: خطب معاوية، فذكر ابن عمر فقال: والله ليبايعن أو لأقتلنه، فخرج إليه ابنه عبد الله فأخبره، فبكى ابن عمر، فقدم معاوية مكة، فنزل بذي طوى، فخرج إليه عبد الله بن صفوان، فقال: أنت الذي تزعم أنك تقتل عبد الله بن عمر إن لم يبايع ابنك؟ فقال: أأنا أقتل ابن عمر! والله لا أقتله.
وقال ابن المنكدر: قال ابن عمر حين بويع يزيد: إن كان خيرا رضينا، وإن كان بلاء صبرنا.