قال أبو المظفر: بلغني أنه وجد في دمشق ثلاثمائة ألف دينار فأنفقها، واستدعى من الكرك مالاً فأنفقه. وأمر فخر الدين ابن الشيخ الأمراء فحلفوا للمعظم. وأخفوا موت السلطان
وكانت أم خليل تعلم على التواقيع على هيئة خط السلطان. وقيل: بل كان يعلم على التواقيع خادم يشبه خطه خط السلطان، يقال له: السهيلي.
قال: وكان قد نسر مخرجه وامتد إلى فخذه، وعمل عليه جسده، وهو يتجلد ولا يطلع أحداً على حاله حتى هلك.
وكان المسلمون مرابطين بالمنصورة مدة أشهر، وجرت لهم مع الفرنج فصول طويلة ينال هؤلاء من هؤلاء، وهؤلاء من هؤلاء، فمنها وقعة عظمى يوم مستهل رمضان استشهد فيها جماعة من كبار المسلمين.
ونزلت الفرنج بقرب المنصورة، وكانت وقعة المنصورة الوقعة التي اشتهرت في ذي القعدة على المنصورة، وذلك أن الفرنج ساقوا ووصلوا إلى دهليز السلطان، فخرج مقدم العساكر فخر الدين ابن الشيخ، فقاتل فقتل فانهزم المسلمون، ثم تناخوا وكروا على الفرنج فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وكان الفتح.
ووصل المعظم إلى مصر بعد أن أقام بدمشق سبعة وعشرين يوماً، فدخل الديار المصرية في ذي الحجة بعد الوقعة. وكان في عزمه الفتك بابن الشيخ؛ لأنه بلغه أنه يريد الملك والناس يريدونه، فقتل.
وقال ابن الساعي: في أول السنة أخذت الفرنج دمياط، نزلوا عليها، فأرسل الصالح نجم الدين عسكراً نجدة لمن بها، وكان مريضاً، فكسروا الفرنج. ثم ظهرت الفرنج عليهم، فانتخى أميران وهما: ابن شيخ الإسلام، والجولاني، فحملا عليهم، فاستشهد ابن شيخ الإسلام، وسلم الجولاني، وغلقت أبواب دمياط، وأرسلوا بطاقة. وكان السلطان قد سقي دواء مخدراً، وأمرهم الطبيب أن لا ينبهوه، فوقعت البطاقة فكتمها الخادم، ثم وقعت أخرى