للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يرد عليهم جواب، والسلطان لا يعلم بشيء.

فقيل في دمياط: إن السلطان مات، فضعفت النفوس، وعزم أهل دمياط على الهرب، فأحرقوا باباً وخرجوا، فأخذ العسكر في ردهم فلم يلتفتوا، فعاد العسكر ونهب البلد. فخرج أهل البلد عن آخرهم، وهلك خلق في زحمة الأبواب. وأخلوا البلد، فأخذه الفرنج بلا كلفة.

فلما علم السلطان غضب وهم بقتل ذلك العسكر الذين نهبوا دمياط، ثم صلب منهم نيفاً وثمانين أميرا، وغيرهم ترك، وأمر أن لا تضرب النوبة إلا للجولاني وحده.

قال: وفيها قتل شيحة أمير المدينة، وكان قد خرج عن المدينة في نفر يسير فوقع عليه قوم من العرب بينه وبينهم دم فحاربوه، فقتل وسلبوه، وكان موصوفاً بالخير والتواضع، وولي مكانه ولده الأكبر عيسى.

قال: وفي نصف ذي الحجة سعى علي الإربلي الساعي من دقوقا إلى بغداد فوصل بعيد العصر، فأنعم عليه الأمير مبارك بما قيمته عشرة آلاف دينار.

وفيها جاء سيل عظيم على السلامية من عمل الموصل، فأهلك خلقاً، وأتلف الزروع، وهدم الأسواق، وغرق كثيرا من المواشي، وغرقت السلامية كلها، وكان بها أكثر من ثلاثة آلاف نفس.

وجاءت الزيادة على جزيرة ابن عمر حتى كادت تدخل من شراريف سور البلد، وكان أمراً مهولاً.

وفيها كتبت فتيا ببغداد: هل الإيمان يزيد وينقص؟ فامتنع الفقهاء من الجواب خوفاً من الفتنة، وكتب فيها الكمال علي بن وضاح والمحدث عبد العزيز القحيطي وبالغا في ذم من يقول: لا يزيد ولا ينقص.

فأخذ الفتيا بعض الحنفية، وعرضها على الديوان العزيز، وقال: قد تعرض لسب أبي حنيفة. فأُمر بإخراج ابن وضاح من المستنصرية وبنفي القحيطي.

وفيها وصل إلى بغداد أبو منصور الأصبهاني، رجل كهل، صغير الخلقة جدا، طوله ثلاثة أشبار وثلاثة أصابع، ولحيته طولها أكثر من شبر، فحمل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>